ولأن «رضوا ..» هنا في موقف التنديد فالقصد من مثلث الخوالف ـ إذا ـ هم دون الأخير المخلّف على قوته ليكون خليفة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد غيابه وحتى إيابه.
ذلك ، وهنا «أن آمنوا» خطابا موجها إلى المنافقين دليل أنهم ليسوا داخلين في المؤمنين ، مهما شملتهم خطابات الإيمان فيما لا قرينة فيه على اختصاصها بإيمان القلب.
وهنا (أُولُوا الطَّوْلِ) هم الرؤساء الذين عليهم التقدم في أمر الجهاد ، لطولهم ولكونهم يقتدى بهم ، ففي تركهم الجهاد ـ إذا ـ ثالوث من التخلفات ، تخلف دون عذر ، وتخلف على طول ، وتخلف يخلّف تخلف الآخرين التابعين لهم.
فمن الناس من لا حول له ولا طول وهو يتقدم للجهاد وما أكرمهم! ومنهم من يملك كل حول وطول ولا يتقدم وما الأمهم وألعنهم ، ومنهم عوان بينهما متوسطين ، فهم عوان بينهما (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى).
وأولوا الطول من المنافقين هم متخاذلون على طولهم ، استخذاء أمام واجب الجهاد ، فهنا خطتان ، خطة الالتواء والانكماش والتخلف والرضي بالأدنى ، هي خطة المنافقين ، وخطة الاستقامة والبذل والكرامة ، هي خطة المؤمنين ، ومهما لم يعرف الله ـ ما عرف من المنافقين ـ لغير الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) والحاضرين معه زمن الوحي ، ولكنه عرّفهم بكل معالمهم في أقوالهم وأحوالهم وأفعالهم ، ما يرسم لنا خطة لهم لئيمة معروفة على مدار الزمن.
فكما أن معرفة الشيطان بخطواته تكفينا عن معرفته بشخصه ، كذلك معرفة المنافقين مهما كانوا أشطن من الشياطين.
ذلك ، وإن للذل ضريبة كما أن للعز ضريبة ، ولكن ضريبة الذل أفدح بكثير وأقدح ، فرغم ما يخيل إلى بعض النفوس أن ضريبته الكرامة باهظة فتختار الذل هربا من تكاليف الكرامة ، الباهظة ، فتعيش عيشة