بمظهره وقلوبهم باكية ، (وَلْيَبْكُوا كَثِيراً) بمظهره وسواه وقلوبهم حاكية.
ولا يعني حديث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بقوله «والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا» إلا تأويلا للآية دون تفسير ، لأن مال الضحك إلى فرح القلب والمؤمن قرح القلب بما يعلم الأمثل فالأمثل.
ولأن «فليضحكوا وليبكوا» أمران غائبان فلا يعنيان إلّا حتمية قليل الضحك وكثير البكاء ، والأول لا محالة واقع في الدنيا حيث إن الضحك فيها مهما كان كثيرا فهو بجنب بكاء الآخرة قليل.
ثم الثاني لا محالة واقع في الأخرى شاءوا أم أبوا دونما حاجة إلى أمر.
ثم لو كانوا يفقهون هنا (فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً) حين الغفلة (وَلْيَبْكُوا كَثِيراً) عند النبهة بما قدمت لهم أنفسهم لأخراهم.
(فَإِنْ رَجَعَكَ اللهُ إِلى طائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً وَلَنْ تُقاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخالِفِينَ)(٨٣).
هنا نفاق معاكس من هؤلاء الأنكاد ، فقد رضوا بالقعود أول مرة باستئذان ، وهم أولاء يستأذنون للخروج هنا ثاني مرة ، والجواب كلمة واحدة : (لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً وَلَنْ تُقاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا) فسواء عليكم استأذنتم للقعود أم للخروج فالقصد واحد هو القعود (فَاقْعُدُوا مَعَ الْخالِفِينَ) مستأذنين للخروج أو القعود ، وغير مستأذنين.
هنا (فَإِنْ رَجَعَكَ اللهُ) بعد الإنتصار (إِلى طائِفَةٍ مِنْهُمْ) لم يخرجوا دون استئذان أم قعدوا باستئذان (فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ) لغزوة أخرى نظرة الإنتصار أم تعمية لقصد القعود ، «فقل ..» ل (إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ) فما أنتم إلا قاعدين ، إذا (فَاقْعُدُوا مَعَ الْخالِفِينَ) فلا حاجة إليكم بعد على أية حال ، فإنكم أنتم الخالفون على أية حال ، فمهما كانوا هم خالفين صراحا فأنتم خالفون قصدا حيث كنتم معهم أوّل مرة ، والخالف