«فاستكبروا» عن الخضوع لها (وَكانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ) يجرمون ثمرة الحياة قبل إيناعها ، نكرانا للآيات على التماعها.
هناك (أَخَذْنا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ) وهنا «أرسلنا (عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ ..) تختصان هذه العذابات الست بهم دون بني إسرائيل على اختلاطهم بهم ، مما يدل على أن هذه لم تكن لهم عذابا وإنما هي لهؤلاء ، فقد تصدق الرواية أن القبطي كان يأخذ الماء من النيل دما أحمر له طعمه ولونه ، والإسرائيلي يأخذه منه ماء فراتا له طعمه ولونه ، وهكذا الطوفان والجراد والقمل والضفادع إذ لم تكن تؤذي الإسرائيليين! ، وكانت تستأصل كل رياحه عن حياتهم أولئك اليومية ، حتى اضطروا على فرعنتهم وغرورهم أن يلتجئوا إلى موسى لما وقع عليهم ذلك الرجز العذاب الأليم (١) :
__________________
(١) نور الثقلين ٢ : ٥٨ علي بن إبراهيم باسناده عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السّلام) ـ دخل حديث بعضهم في بعض ـ قالا : لما آمنت السحرة فرجع فرعون مغلوبا وأبى هو وقومه إلا الإقامة على الكفر قال هامان لفرعون : إن الناس قد آمنوا بموسى فانظر من دخل في دينه فاحبسه فحبس كل من آمن به من بني إسرائيل فتابع الله عليهم بالآيات وأخذهم بالسنين ونقص من الثمرات ثم بعث عليهم الطوفان فخرب دورهم ومساكنهم حتى خرجوا إلى البرية وضربوا الخيام وامتلأت بيوت القبط ماء ولم يدخل بيوت بني إسرائيل من الماء قطرة وقام الماء على وجه الأرض لا يقدرون على أن يحرثوا فقالوا لموسى : ادع لنا ربك أن يكشف عنا المطر فنؤمن لك ونرسل معك بني إسرائيل فدعا ربه فكف عنهم الطوفان فلم يؤمنوا وقال هامان لفرعون : لئن خليت بني إسرائيل غلبك موسى وأزال ملكك وأنبت الله لهم في تلك السنة من الكلاء والتمر والزرع والثمر ما أعشبت به بلادهم وأخصبت فقالوا : ما كان هذا الماء إلا نعمة علينا وخصبا فأنزل الله عليهم في السنة الثانية ـ أو في الشهر الثاني ـ الجراد فجردت زروعهم وأشجارهم حتى كانت تجرد شعورهم ولحاهم وتأكل الأبواب والثياب والأمتعة وكانت لا تدخل بيوت بني إسرائيل ولا يصيبهم من ذلك شيء فعجوا وضجوا وجزع فرعون من ذلك جزعا شديدا وقال يا موسى أدع لنا ربك أن يكف عن الجراد حتى أخلي عن بني إسرائيل فدعى موسى ربه فكف عنه الجراد بعد ما أقام عليه سبعة أيام من السبت إلى السبت ، فأنزل الله عليهم في السنة الثالثة ـ أو الشهر الثالث ـ القمل وهو الجراد الصغار لا أجنحة له وهو شر ما يكون وأخبثه فأتى على زروعهم كلها وأفناها من أصلها فذهبت زروعهم ولحس الأرض ـ