إبليس وعدواته ، فاغتره عدوه نفاسة عليه بدار المقام ، ومرافقة الأبرار ، فباع اليقين بشكه ، والعزيمة بوهنه ، واستبدل بالجذل وجلا ، وبالاغترار ندما ، ثم بسط الله سبحانه له في توبته ولقاه كلمة رحمته ، ووعده المرد إلى جنته ، وأهبطه إلى دار البلية ، وتناسل الذرية» (١).
«فدلاهما» أنفسهما الغرور بدلائه الثلاثة «بغرور» فأصبحا دلوين دلاهما بحبل الغرور كالأرشية في هذه الطوى البعيدة! بما وعدهما وقاسمهما (فَلَمَّا ذاقَا الشَّجَرَةَ) المنهية (بَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما) ـ الخفية ـ (وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ) حيث نزع عنهما لباسهما بما غرهما (وَناداهُما رَبُّهُما أَلَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ ..).
(قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ)(٢٣).
__________________
(١) نهج البلاغة (الخطبة ١ / ٢٨) وفيه «فلما مهد أرضه وأنفذ أمره اختار آدم (عليه السلام) خيرة من خلقه وجعله أول جبلته ، واسكنه جنته ، وأرغد فيها أكله ، وأوعز إليه فيما نهاه عنه ، وأعلمه أن في الإقدام عليه التعرض لمعصيته ، والمخاطرة بمنزلته ، فأقدم على ما نهاه عنه ـ موافاة لسابق علمه ـ فأهبطه بعد التوبة ليعمر أرضه بنسله ، وليقيم الحجة به على عباده» (الخطبة ٨٩ / ٣ / ١٧٤).
وفي نور الثقلين ٢ : ١١ عن عيون أخبار الرضا (عليه السّلام) من حديثه حول عصيان آدم وزوجه ولم يكن آدم وحواء شاهدا قبل ذلك من يحلف بالله كاذبا (فَدَلَّاهُما بِغُرُورٍ) «فأكلا منها ثقة بيمينه بالله ، وكان ذلك من آدم قبل النبوة ولم يكن ذلك بذنب كبير استحق به دخول النار ، وإنما كان من الصغائر الموهوبة التي تجوز على الأنبياء قبل نزول الوحي عليهم ، فلما اجتباه الله تعالى وجعله نبيا كان معصوما لا يذنب صغيرة ولا كبيرة» قال الله تعالى : (وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى. ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ فَتابَ عَلَيْهِ وَهَدى) وقال عزّ وجلّ (إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ).
وفيه عن تفسير القمي روي عن أبي عبد الله (عليه السّلام) قال : لما أخرج الله آدم من الجنة نزل عليه جبرئيل (عليه السّلام) فقال : يا آدم أليس الله خلقك بيده ونفخ فيك من روحه واسجد لك ملائكته وزوجك أمته حواء وأسكنك الجنة وأباحها لك ونهاك مشافهة أن لا تأكل من هذه الشجرة فأكلت منها وعصيت الله؟ فقال آدم : يا جبرئيل ان إبليس حلف لي بالله انه لي ناصح فما ظننت أن أحدا من خلق الله يحلف بالله كاذبا.
أقول : لمزيد الاطلاع على تفاصيل القصة راجع تفسير الآيات في البقرة.