سنة الجدب ونقص من الثمرات ، فعند مجيء الحسنة (قالُوا لَنا هذِهِ) حسنة مستحقة بكل جدارة ولباقة ، ثم عند مجيء السيئة (يَطَّيَّرُوا بِمُوسى وَمَنْ مَعَهُ) أنه هو سبب السيئة «ألا» أيها النابهون (إِنَّما طائِرُهُمْ عِنْدَ اللهِ) يجازيهم به سيئة بسيئة ، وهكذا كانوا يعلّلون مختلف الأحداث «حسنة وسيئة» تعليلا عليلا كليلا خلوا عن الواقعية عقلية وعلمية وعقيدية وطبيعية ، فما هي القاعدة التي تحكم بأن الحسنات في الحياة هي مستحقة للجبارين الطالحين ، ثم السيئات فيها هي من مخلفات دعوات الصالحين ، اللهم إلا هياما مع الخرافة في دروب ملتوية متفرقة لا تلتقي عند قاعدة ولا تجتمع وفق نظام ، فاللهم إلّا الصدفة العمياء الفوضى الجزاف كما قاله خروشوف صاحب الاشتراكية العلمية عن معاكسات الطبيعة في تعليل نقص الثمرات والغلات ، ومعه كل هؤلاء الذين يمضون مع هذه «العلمية» الجاهلية غابرة وفي القرن العشرين ، المدعاة في تعليل الحوادث بهذه النظرة القاصرة الباسرة : (يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ)!.
هكذا يتطير المجاهيل في تيارات الحوادث والكوارث أنها من نكبات حملة الدعوات الربانية ، فالحسنة التي تجيئهم هي من حسن حظهم المستحق ، والسيئة هي من شؤم من يخالفهم في شهواتهم وحيوناتهم وإباحياتهم الطليقة!.
وهكذا نجد كل طغاة التاريخ على مدار الرسالات الربانية ، ففي صالح لمّا (قالَ يا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْ لا تَسْتَغْفِرُونَ اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (٤٦) قالُوا اطَّيَّرْنا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قالَ طائِرُكُمْ عِنْدَ اللهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ) (٢٧ : ٤٧).
وفي رسل المسيح (عليه السّلام) : (قالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ (١٨) قالُوا طائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَإِنْ