(وَجاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قالُوا إِنَّ لَنا لَأَجْراً إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغالِبِينَ (١١٣) قالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ)(١١٤).
لقد استغلوا فرصة فريصة لهم فريسة ، حيث يحتاجهم فرعون في هذه الغائلة المجتاحة لعرشه وملكه ، فتطلبوا إليه أجرا متميزا عن سائر الأجر في الحالات العادية ، فوعدهم ذلك الأجر وزيادة (إِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ) إلى البلاط الملكي أكثر مما كنتم من ذي قبل.
وهم على أية حال عملاء محترفون ، يحترفون السحر كما الكهانة على سواء ، والأجر هو هدف الاحتراف سواء في هذا أم في ذلك ، وهنا يعدهم الطاغية أجرا أكثر من المأمول المعمول هو القربى منه زيادة في الإغراء ، وهم كلهم جاهلون ذلك الموقف أنه موقف الآية الربانية التي لا يعالجها أي أجر وتقريب وإغراء.
وهنا (إِنَّ لَنا لَأَجْراً) إخبارا دون إنشاء الاستدعاء ، مما يلمح بموقفهم المستعلي على فرعون لفاقته إليهم ، فقد فرضوا عليه في صيغة الإخبار الذي هو آكد من الإنشاء.
إذا فهو إنشاء في صيغة الإخبار وكما الإنشاء في الشعراء : «أئن لنا لأجرا ..» (٤١) ، أم وهو إنشاء حذفت أداته تلميحا لأكيد الإنشاء إذ هو بصيغة الإخبار.
(قالُوا يا مُوسى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ (١١٥) قالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجاؤُ بِسِحْرٍ عَظِيمٍ)(١١٦).
هنا يخيّر موسى بين تقدّمه في إلقائه وتأخره كتحد جاهر في ذلك التخيير التحيير ، على تأدب ظاهر ، وهو يرجح تأخره عنهم لكي يأتوا بكل ما لديهم ثم يجتثه بأسره حيث يثق بنفسه كل الثقة مستهينا بتحديهم ، كما