ألّا ملائمة بين (لا إِلهَ إِلَّا اللهُ) وألوهة غير الله من آلهة الأرض والسماء.
فلذلك ينبري الملأ من قوم فرعون ، الأخصائيون في تدبير أمور الملك قائلين (يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ) إخراجا لكم عن كيانكم وعرضكم ، وقد حسم الموقف عجالة أنهم :
(قالُوا أَرْجِهْ وَأَخاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ (١١١) يَأْتُوكَ بِكُلِّ ساحِرٍ عَلِيمٍ)(١١٢).
.. (وَابْعَثْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ. يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ) (٢٦ : ٣٧) فالقصد من «ساحر» هنا هو «سحار» ويلمح له «عليم» وهنا يشير عليه ملأه المتأمرون ، بإمهالهما حتى حين (وَأَرْسِلْ فِي الْمَدائِنِ) المصرية «حاشرين» : جامعين (يَأْتُوكَ بِكُلِّ ساحِرٍ عَلِيمٍ) دون مجاهيلهم أو سقاطهم.
وهنا «أرجه» أمهله ، دون «أقتل ـ أو ـ أسجن» مما يدل على أن الطاغية كان أعدل من هؤلاء الطغاة الذي لا يمهلون مناوئيهم ، حكما بالإعدام أو السجن دون امهال لمناورة!.
ويروى أن عديد هؤلاء السحرة بين سبعين شخصا إلى ثمانين ألف وبينهما متوسطات (١) ، ولقد كانت أرض مصر تموج بالكهنة الساحرين في شتى المعابد الكهنوتية ، يديرون أمورهم ، ويدبرون ، بكل سحر ومكيدة ، إذ ما كانوا يملكون حقائق الأمر الذي به يحكمون.
وهكذا يقترن السحر والكهانة وسدانة الآلهة في كافة الوثنيات على مدار تاريخها ، وفرعون هذا بما يحمل من كل فرعنة وطغيان ، لقد كان في إرجاءه موسى وأخاه أقل طغيانا من الطواغيت المتحضرة في القرن العشرين في مواجهة الدعاة إلى رب العالمين.
__________________
(١) وهي تسعمائة ـ اثني عشر ألفا ـ خمسة عشر ألفا ـ سبعة عشر ألفا ـ تسعة عشر ألفا ـ ثلاثون ألفا ـ وسبعون ألفا.