الموسوية سلبا لأنحس طغيان وإنجاء لأضعف المستضعفين في ذلك الزمان ، ومن ثم تتخطى هذه السلبية والإيجابية إلى كافة المستكبرين والمستضعفين في العالمين بالشرعة التوراتية حتى الإنجيل ، ومنها حتى القرآن العظيم.
ذلك وقد «ظلموا بها» حيث أنكروها وكذبوا بها شر تكذيب (فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ) حيث التكذيب بآيات الله هو رأس الزاوية في هندسة الإفساد في الأرض.
(وَقالَ مُوسى يا فِرْعَوْنُ. إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ)(١٠٤).
هنا «يا فرعون» دون ألقاب هي إلغاب زور وغرور لكل سلطان غرور ك «يا مولاي» وما أشبه وإنما باسمه «فرعون» في أدب واعتزار ليقرر له حقيقة أمره أنه فقط «فرعون» أمام «رب العالمين» وهو منهم خلاف زعمه : (أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى) فهكذا يخاطب الرب الأعلى! ليعرف موقفه في بداية الحوار قائلا : «إني» متأكدا دون أية ريبة (رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ) دون «الله» أو «الرب» أو «ربي» حتى لا يخيل إليه وإلى ملإه أنه يعنيه فيكذبه ويكذبونه إذ لم يرسله فرعون ، ثم وكيف يخبره وإياهم بما أرسله هو؟!.
(حَقِيقٌ عَلى أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرائِيلَ)(١٠٥).
ولأني رسول رب العالمين ، إذا ف (حَقِيقٌ عَلى أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَّ) قضية صادق الرسالة الربانية ، ورسالة الله هذه وقول الحق على الله ليست دعوى فاضية ، بل هي فائضة ف (قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرائِيلَ) : آية بينة ربانية لا حول عنها ولا محيد ، فالله من وراءها شهيد ، (فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرائِيلَ) ـ (وَلا تُعَذِّبْهُمْ) (٢٠ : ٤٧) فقد يعني بذلك الإرسال إرسالهم عن أسرهم بأسرهم في إصرهم والأغلال التي كانت عليهم ، إذ كانوا لهم عبيدا إمعات لا يقدرون على شيء مما كسبوا لأنفسهم إلّا ما يهواه فرعون وملأه!.