تلكم الآيات العابرة الغابرة ، متناسبة خلود الشرعة الأخيرة إلى يوم الدين فانها آية البصيرة على مدار الزمن ، لا بديل عنها ولا تبديل لها ، بل هي تجري جري الشمس في مشارق الأرض ومغاربها.
أم تعني جمعا من الآيات التي تناسب الرسالة الموسوية لأنها بمفردها جمعية رسالية ، فلا تعني طليق الاستغراق.
والرسالة الموسوية عالمية لا تختص بجمع دون آخرين كما كان نوح وإبراهيم وعيسى ومحمد خاتم النبيين صلوات الله عليهم أجمعين ، ولا تعني (إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ) هنا إلا المحطّ الأول لرسالته السامية سلبا للفرعنة الطاغية ، ثم المحط الإيجابي الأول هم بنو إسرائيل كما في آيات ، ك (وَآتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَجَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ) (١٧ : ٢) ، ثم الثاني والأخير هم كل العالمين كما في أخرى : (قالَ يا مُوسى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسالاتِي وَبِكَلامِي) (٧ : ١٤٤) ـ (وَقالَ مُوسى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ) (١٤ : ٨) ـ (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى وَهارُونَ الْفُرْقانَ وَضِياءً وَذِكْراً لِلْمُتَّقِينَ) (٢١ : ٤٨) إذا فليس «إلى مصر وحدها»! (١).
ذلك ، ولأن أنحس المستكبرين الطغاة في زمنه هم فرعون وملأه وأتعس المستضعفين هم بنو إسرائيل ، لذلك نراهما في مطلع الدعوة
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٥٤ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى محمد بن الفضل عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر (عليه السّلام) في حديث طويل يقول فيه : تم ان الله تبارك وتعالى أرسل الأسباط اثنى عشر بعد يوسف ثم موسى وهارون إلى فرعون وملإه إلى مصر وحدها.
أقول : هذا خلاف أممية الرسالة الموسوية إلّا أن يأوّل إلى المحور الأول لرسالته ومنطلقها كما تفسير الآيات القائلة أن محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) بعث إلى هؤلاء القوم اللد (وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا).