يذكر «موسى» (١٣٦) مرة في (٣٤) سورة وأكثرها ذكرا له وأعرفها «الأعراف» فانه فيها يذكر (٢١) مرة مما يدل على أن ذكراه فيها أكثر من غيرها.
ويذكر فرعون (٧٤) مرة في (٢٧) سورة ، أكثرها ذكرا له «الأعراف وص» وعلى الجملة نرى قصة موسى وفرعون أكثر القصص ذكرا وشرحا في الذكر الحكيم ، اللهم إلّا رسول القرآن فإنه المحور الأصيل بين الرسل والرسالات كلها ، وهنا بعد ذكرى رسالات منذ نوح حتى شعيب يأتي تفصيل القول حول موسى (عليه السّلام) وحالاته الرسالية وحالاته مع فرعون وملئه.
ذلك القصص نص باهر في الغرض من سياقه ، فالقصة قاطعة إلى مشاهد حية تموج بالحركة والحوار ، زاخرة بالانفعالات والسمات ، وتتخللها توجيهات إلى مواضع العبرة الواعظة الباهضة ، كاشفة عن طبيعة الحال للمعركة المتناحرة بين الحق والباطل ، منذ تشرّد موسى من بأس الطاغية خائفا يترقب ، حتى غرق الطاغية ، وإلى مستمر رسالته بواجهات أخرى.
(ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسى بِآياتِنا إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ فَظَلَمُوا بِها فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ) (١٠٣)
هنا «بعثنا» متكلما مع الغير يعني جمعية رسالية اجتمعت في شخص موسى الرسول وكأنه بنفسه رسل ، وهو حقا رسل إذ جاء برسالة مفصلة منقطعة النظير بين الرسل كلهم إلّا هذا البشير النذير.
ثم «بآياتنا» وهي الآيات الرسولية والرسالية جمعا مستغرقا للآيات الربانية ، قد تعني الجمع بين كافة الآيات المبصرة المبصرة ، فهي كلها بصرية مشهودة للأبصار ، ولكن الآية الرسولية والرسالية المحمدية وهي القرآن وهي رسول القرآن ، إنها آية مستمرة خالدة مع الزمن ، متناسبة