كل واحد منهم ، حيطة معرفية بما عرفهم الله ليحكموا هناك بما يحكم الله.
هذا التميز وذلك هما مما يميّزهم عن كل أصحاب الجنة ، فهم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) والمحمديون من عترته (عليهم السّلام) ، المتميّزون على كافة السابقين والمقربين وأصحاب اليمين.
فرجال الأعراف حيث يكلمون كلا الفريقين بما يكلمون هم الشهداء المخصوصون بالكرامة في مسرح (لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَقالَ صَواباً) (٧٨ : ٣٨) فهم مأذونون بإذن خاص بكل إخلاص حتى يكلموا أهل الحشر أجمع بما يشاء الله ويرضى ، أفهم بعد من الأدنين وليس للعوان بينهم وبين العالمين ذلك النصب المتميز يوم الدين.
كل ذلك ، إضافة إلى أنا لا نتلمح أية فزعة وهول لهم في أعرافهم ، في أقوالهم وأفعالهم وأحوالهم ، والهول شامل ذلك اليوم كل أهل الحشر (فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ. إِلَّا عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ) (٣٧ : ١٢٨) ـ (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ. لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خالِدُونَ. لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) (٢١ : ١٠٣)!.
إذا فقد لا تشمل رجال الأعراف في ظاهر التفسير إلّا أقرب المقربين وأسبق السابقين ، دون الذين استوت حسناتهم وسيئاتهم فلا هم ـ بالفعل ـ من أهل الجنة ولا أهل النار ، ـ اللهم إلا تأويلا أنهم على هوامشهم ـ ثم ولا صراحة هنا ولا لمحة أن رجال الأعراف يتطلبون إلى الله السماح ، فإنما هو الحكمية بين الفريقين والحكم بدخول أهل الجنة الجنة ودخول أهل النار النار.
إذا فعساكر البراهين القرآنية في آيات الأعراف وسواها تقرر موقفا حاسما لرجالها لا يناسب كل المعصومين فضلا عن الأدنين من المؤمنين ، فلا يصغى إلى أحاديث الأدنين تفسيرا ، إلا تأويلا.