عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ (٤٨) أَهؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لا يَنالُهُمُ اللهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ)(٤٩).
هذه الرسالة الغالية أن يكونوا مذيعين لفصل الحكم من رب العالمين ، إنها منقبة لا تسامى بسواها ولا تساوى ، ثم (ادْخُلُوا الْجَنَّةَ) هي رسالتهم الأخيرة حيث أمروا بأمر الله أن يخاطبوا أصحاب الجنة بدخولها.
إذا فمناداة أصحاب الجنة والنار هي قبل الدخول فيهما ، وهي مواقف العالين من رجال الأعراف حسم الموقف ، ثم هم يدخلون الجنة ومعهم قسم من الأدنيين الذين هم معهم (عَلَى الْأَعْرافِ).
ذلك ومما يؤيد أصالة القصد الى أعالي رجال الأعراف دون الأداني ، أن الآخرين غير محصورين في الرجال ، بل ونساءهم أكثر من رجالهم ، وأما الأولون فهم بطبيعة الحال رجال كالمعصومين المحمديين (عليهم السّلام) ، وأما فاطمة الصديقة فقد تكون منهم كما في (رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ ..) أم هي غير مشاركة معهم لمكان أنوثتها ، وعلى أية حال فخصوص القصد من رجال الأعراف الأدنين مرفوض.
كما ولا تعني «رجال» الملائكة إذ لا نساء فيهم ، وهم يقابلون نساء من جنسهم ، مهما عنت رجالا من الجن على هامش رجال من الإنس كرسل منهم عالين ، حاكمين على قبيلهم ، أم لهم بين فريقي أصحاب الجنة وأصحاب النار من الجن.
ثم مكانهم المتميز «الأعراف» ومعرفتهم المتميزة أصحاب الجنة وأصحاب النار لحد يعرفون المستكبرين من أهل النار بينهم ، لا فقط معرفة إجمالية بسيماهم المعروف لدى الكل حيث هنا (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ. ضاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ. وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْها غَبَرَةٌ. تَرْهَقُها قَتَرَةٌ) (٨٠ : ٤١) ، وهناك (يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ) أي كل واحد من آحاد الفريقين ، لا ـ فقط ـ كلا من الفريقين ، تثبت لهم معرفة قمة متميزة بسيما