(وَنادى أَصْحابُ الْأَعْرافِ رِجالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيماهُمْ) معرفة متميزة عن كل أصحاب الجنة فضلا عن أصحاب النار ، و «رجالا» هنا هم رجال متميزون بسيماهم من أصحاب النار ف «قالوا» لهم (ما أَغْنى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ) أموالا وأولادا وسائر الجموع المحتشدة حصولا على العزة والقوة ، «و» لا (ما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ) بجمعكم على الله وعلى عباد الله ورسله.
«أهؤلاء» الأكارم من أصحاب الجنة (الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لا يَنالُهُمُ اللهُ بِرَحْمَةٍ) كأنكم أنتم أصحاب الرحمة دونهم ، أم هم وإياكم سواء في العذاب؟! كلّا ، بل : «ادخلوا» أنتم الصلحاء (الْجَنَّةَ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ).
أجل هؤلاء رجال الأعراف ، فمكانهم في المحشر «الأعراف» أعراف الحجاب والسور المضروب بين أصحاب الجنة وأصحاب النار ، ومكانتهم أنهم رسل من الله في ذلك الموقف الحاسم. رسل شهود في معرفة كلّ بسيماهم ، يشاهدون كل نفس خيرة وشريرة في مقامها الخاص من أعلى عليين إلى أسفل سافلين ، ورسل قضات في تعيين المقامات هناك ، ثم هم خارجون عن القبيلين إذ لا محاسبة لهم لدخول الجنة ، وهم المؤمّرون أن يأمروا أصحاب الجنة لدخول الجنة كما أن مؤذنهم يؤمر بذلك الأذان ، رسالة ربانية عالية ٧ مما تدل على أنهم هم الأعلون في تلك العرصات.
ذلك «وإنما الأئمة قوام الله على خلقه وعرفاء على عباده ولا يدخل الجنة إلا من عرفهم وعرفوه ولا يدخل النار إلا من أنكرهم وأنكروه» (١).
__________________
(١) نهج البلاغة الخطبة ١٤٢ / ٢٥٦ عن أمير المؤمنين (عليه السّلام).