يصرفوا أبصارهم تلقاء أصحاب النار لواجب تقرير المصير بواجب الحوار.
وهنا حيث يفاجئون برؤية هؤلاء الظالمين ابتدروا بدعاء : (قالُوا رَبَّنا) الذي ربانا بهذه التربية القمة العالية المرموقة : (لا تَجْعَلْنا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) لا في الجنة ولا في النار ، فالظالمون الذين لا يستحقون الجنة ، لا تجعلهم فيها معنا ، ولا تجعلنا معهم أولاء في النار ، ولا تجعلنا مع المحكومين بالنار في شفاعة لهم ، ولا تجعلنا معهم قبل دخول الجنة والنار ، أكثر من قدر الحوار وتقرير المصير.
فالمعية بين رجال الأعراف وأصحاب النار في أية مرحلة ـ إلا الحاسمة القاسمة بينهم ـ هي معية بعيدة عن الرحمة ، مهما لم تكن فيها زحمة العذاب ، فلو دخلنا النار بعذاب لهم ولنا دون عذاب ، فحق لك يا رب إذ لا نستحق نحن الثواب مهما لا نستحق العقاب ، فإلى المفاصلة التامة الطامة بيننا وبين الظالمين الذين لا يستحقون الجنة ، وحتى إذا دخلوا الجنة باستحقاق بعد ذوق عذاب مستحق ، متخلصين عن أعباء الظلامات ، فقضية مختلف الدرجات ألا تجعلهم معنا في مقامنا في الجنة ، مهما (نَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ)!.
ولكن فلنكن في مقامنا كما نستحق ، وهم كما يستحقون في أماكن ومكانات ، في الأصل وبمعرفة أصحاب الجنة.
فقد تطلبوا في (رَبَّنا لا تَجْعَلْنا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) سد هذه الأبواب السبع من المعيات المعنيات من (مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ).
ذلك ، وقد يلمح ضمير الجمع ـ الجائز الرجوع هنا إلى أصحاب