ربه الكبرى ببصره وبصيرته في معراجه (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى. عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى. عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى. إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشى. ما زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى. لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى) (٥٣ : ١٨).
ولأن (كَذلِكَ نُرِي ...) تحمل إراءة دائمة لإبراهيم وهذه الحجة طرف من أطرافها فليست «هذا ربي» تصديقا ولا شكّا فإنهما ينافيان الإيقان دون العصمة فكيف يجتمعان مع إيقان العصمة؟ ، كما وأن (تِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ عَلى قَوْمِهِ) دليل أنها من إراءة الملكوت ، ولم تكن حجة على نفسه ، لسابق توحيده وسابغة.
(فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قالَ هذا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ) (٧٦) :
موقف حاسم جازم من مواقف حجاجه على المشركين في حفلة سماوية ، فلئن قضي على ألوهة آلهة السماء ـ التي هي الأصيلة عند عبدتها ، وأصنام الأرض ليست إلّا ممثلة لها ، كما هي تمثل إله السماوات والأرض ـ فهو القضاء بأحرى على آلهة الأرض.
ذلك وكما له موقف آخر في حفلة أرضية مع آلهة الأرض (فَجَعَلَهُمْ جُذاذاً إِلَّا كَبِيراً لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ) ، وكذلك مواقف أخرى تثبيتا لوحدة الإله (لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ).
في ذلك الحجاج نرى حسما لألوهية النجم والقمر والشمس ، مما يدل على أن الخليل يحاج هنا عبدة الأجرام السماوية ؛ (فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً) وهو أوّل ظاهرة من الكواكب بداية الليل ، فهي الزهرة (قالَ
__________________
ـ أقول : «صورة» هنا هي كما تناسب رؤية الرب وهي الصورة العليا المعرفية ، ويده تعالى هي يد الإراءة للملكوت ، فأين صورة من صورة وإراءة من إراءة؟