هذا رَبِّي) على الإنكار والاستخبار» (١) لا التصديق والإخبار أو سؤال الإنكار ، بل على المجاراة في الحجة التي توغل الخصم في الحجة ، كيف وقد أري ملكوت السماوات والأرض ، ورمى أباه آزر وقومه المشركين من قبل بضلال مبين ، ومن بعد (إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ) دون «برئت» أو مما تشرك ، ثم (وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) دون «لا أشرك» (فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ) ... إنه غاب في نفسه وغاب عن الخلق.
فمن ذا الذي يرعى مربوبية إذا كان الرب يغيب ، لا ـ إنه ليس ربا
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٧٣٥ في عيون الأخبار في باب ذكر مجلس الرضا (ع) عند المأمون في عصمة الأنبياء وبسند متصل عن علي بن الجهم قال حضرت مجلس المأمون وعنده الرضا (ع) فقال له المأمون يا بن رسول الله (ص) أليس من قولك ان الأنبياء معصومون؟ قال : بلى ، قال : فأخبرني عن قول الله تعالى في حق إبراهيم (ع): (فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قالَ هذا رَبِّي) فقال الرضا (ع) : ان ابراهيم صلى الله عليه وقع على ثلاثة اصناف صنف يعبد الزهرة وصنف يعبد القمر وصنف يعبد الشمس وذلك حين خرج من السرب الذي أخفى فيه (فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ) رأى الزهرة قال هذا ربي على الإنكار والاستخبار ، فلما افل الكوكب (قالَ لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ) لأن الأفول من صفات المحدث لا من صفات القديم (فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بازِغاً قالَ هذا رَبِّي) على الإنكار والاستخبار فلما افل قال لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين ، يقول : لو لم يهدني ربي لكنت من القوم الضالين فلما أصبح رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا اكبر من الزهرة والقمر على الإنكار والاستخبار والإقرار فلما أفلت قال للأصناف الثلاثة من عبدة الزهرة والقمر والشمس (يا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) وإنما أراد ابراهيم بما قال ان يبين لهم بطلان دينهم ويثبت عندهم ان العبادة لا تحق لمن كان بصفة الزهرة والقمر والشمس وانما تحق العبادة لخالقها وخالق السماوات والأرض وكان ما احتج به على قومه ألهمه الله وآتاه كما قال الله تعالى : (وَتِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ عَلى قَوْمِهِ) فقال المأمون : «لله درك يا الحسن».