مصدقا إياه : (إِنَّ اللهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ) (١٩ : ٣٦ و ٤٣ : ٦٤).
فذلك هو السيد المسيح (ع) معرفة وعبودية ورسالة صالحة ، ومن زهده (ع) ما
يقول عنه الإمام علي أمير المؤمنين (ع): «وإن شئت قلت في عيسى ابن مريم عليهما السلام : فلقد كان يتوسد الحجر ويلبس الخشن ويأكل الجشب ، وكان إدامه الجوع ، وسراجه بالليل القمر ، وظلاله في الشتاء مشارق الأرض ومغاربها ، وفاكهته وريحانه ما تنبت الأرض للبهائم ، ولم تكن له زوجة تفتنه ، ولا ولد يحزنه ، ولا مال يلفته ، ولا طمع يذله ، دابته رجلاه ، وخادمه يداه» (الخطبة ١٥٨ / ٢٨٣).
ذلك ، ولا تتقيد شهادته يوم القيامة بما شهده منهم ما دام فيهم بل ويشهد على عامة أهل الكتاب ولم يكن فيهم إلّا فترة لا تحمل إلّا قطرة من بحرهم : (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً) (٤ : ١٥٩) وذلك بإشهاد الله له كل أعمالهم أولا وأخيرا ، مهما كانت له شهادة حاضرة ما كان فيهم ، إذ لم يكن ليشهد إلّا أقوالا وأعمالا ممن كان يعاشرهم ، دون أن يحشرهم كلهم ولا سيما في أحوالهم الغائبة.
إذا فالشهادة الرسولية تحلّق في إلقاءها على كافة الأقوال والأعمال والأحوال من الأمم ، حيث تحلق عليها تلقيا بما يلقيه الله إياهم حاضرين لموقف الرسالة وغائبين ، والقدر المعلوم من ذلك الإلقاء هو يوم يقوم الأشهاد (١) اللهم إلّا ما استثني ، وليست شهادة المسيح (ع) وغيره من
__________________
(١) الدر المنثور ٢ : ٣٤٩ أخرج ابن أبي شيبة واحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس قال خطب رسول الله (ص) ـ