(ما قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا ما أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)(١١٧) :
ما قلت لهم» في حقل الألوهية (إِلَّا ما أَمَرْتَنِي بِهِ) دون ما تأمرني به نفسي أو عقلي مهما صلحتا ، ولا ما أمرني غيري ، فإنما أنا رسولك لا أقول لعبادك (إِلَّا ما أَمَرْتَنِي بِهِ) وهو هنا (أَنِ اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ) دون تخصص لي في مقام العبودية فضلا عن دعوى الربوبية ، وماذا فعلوا وافتعلوا في هذه الدعوة التوحيدية؟ (وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً) أشهد ماذا يقولون ويعملون أو يعتقدون بإشهادك لي إياها (ما دُمْتُ فِيهِمْ) على أرض الرسالة ثم (فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ) بكل شهادة كما كنت أنت الرقيب عليهم ما دمت فيهم (وَأَنْتَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) لا تفلت منك فالتة ولا تفوت عنك فائتة.
وهنا (كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ) حصر لتلك الرقابة فيه تعالى ككل ، وأما شهادته كسائر الشهود يوم القيامة فهي بما أشهده الله عليه من أعمالهم عند الشهادة أو قبلها يوم يقوم الأشهاد.
وقد يصدق الإنجيل دعوته التوحيدية كما في (متى ١٩ : ١٦ ـ ١٩ ومرقس ١٠ : ١٨ ولوقا ١٨ : ١٩) : «وإذا واحد تقدم وقال له أيها المعلم الصالح .. فقال له : لماذا تدعوني صالحا ، ليس أحد صالحا إلا واحد وهو الله».
وكما يندد ببطرس ويعتبره شيطانا إذ قال له : «حاشاك يا رب ، فالتفت وقال لبطرس : اذهب عني يا شيطان. أنت معثرة لي لأنك لا تهتم بما لله لكن بما للناس» (متى ١٢ : ٢٢ ٨ : ٢٣).
ولقد صدق الله دعواه هذه في هذه الإذاعة القرآنية حيث يحكي عنه