وهنا لا نصرّ بتسمي مريم إلهة ، حيث الاتخاذ أعم من التسمية كما (اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ) (٩ : ٣١).
وذلك الاتخاذ مشهود في الكنائس وسواها حيث يعتقدون لها السلطة الغيبية المخوّلة ، فلها أن تستجيب لمن شاءت أو تخيب!.
واتخاذ إله أو آلهة من دون الله صيغة متكررة في القرآن عن الإشراك بالله ما لم ينزل به سلطانا ، سواء أنكر وجود الله أم أقرّ به ، إنكارا عن بكرته كالماديين ، أم بتأويل تحوّله إلى إنسان كالمسيحيين القائلين بذلك التحول.
ذلك ، وفي إجابة المسيح (ع) في ذلك الاستجواب الرباني بيان لأدب عبودي بارع ، فتقديم «سبحانك» تنزيه له سبحانه عن أن يكون له شريك ، ثم (ما يَكُونُ لِي) سلب لكينونة ذلك التقوّل عن نفسه ، لأنه ليس بحق له لمكان عبوديته ، ولا على الله لمكان وحدته في ربوبيته ، ثم (إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ) تعليق على المحال من كينونة هذه القولة أن (فَقَدْ عَلِمْتَهُ) إذ لا يخفى عليك أيّ كائن ، ثم يبرهن أخيرا كلا السلب والإيجاب ب (تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ) تأكيدا لحيطته العلمية الطليقة الربانية الوحيدة ب (إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ) وكل هذه واقعة وبوحي الله في صيغة التعبير حيث «لقاه الله» (١) وقد أرعد منه استجوابه تعالى كل مفصل منه حتى وقع (٢) ، ومن ثم يأتي بما قال لهم :
__________________
(١) الدر المنثور ١ : ٣٤٩ ـ ابو هريرة عن النبي (ص) «فلقاه الله : سبحانك .. وفيه عن أبي هريرة عن النبي (ص) قال : ان عيسى حاجه ربه فحاج عيسى ربه والله لقاه حجته بقوله : أأنت ...
(٢) المصدر عن ميسرة قال : لما قال الله : يا عيسى ابن مريم ...