(وَإِذْ قالَ اللهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ قالَ سُبْحانَكَ ما يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ ما لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ)(١١٦) :
عرض لمذاهب اللاهوت :
إن للإنسان وما أشبه أيا كان من الخليقة المتكاملة بالعبودية لله قوسين صعودي ونزولي ، فالنزولي هو دركات التخلف عن معرفة الله وعبوديته ، والصعودي درجات فيهما.
ثم الصعودي ، منه محبور هو به مأمور ، وهو التقدّم في جناحي المعرفة والعبودية ، سيرا من نقطة العبودية إلى حضرة الربوبية دون أية وقفة في النشآت كلها ، وحصيلتها كمال المعرفة والعبودية إلى غير ما حدّ ولا نهاية وكما عن أوّل العارفين والعابدين : «ما عرفناك حق معرفتك وما عبدناك حق عبادتك» وليس في هذا المجال أي منال إلّا تتالي الدرجات فيهما ، فرسالة ونبوة وما أشبه من مراتب العصمة ، دون بنوّة ولا نيابة ولا وكالة ولا خلافة عن الله ، وهذا هو المسلك الصالح لصالحي عباد الله.
ثم إن هناك ـ خارجا عن الحق المرام ـ ضروبا ستة للسالك إلى الله بجناحي المعرفة والعبودية ، مع كل ضربه من القوس النزولي لله سبحانه :
١ ـ من سالك إلى الله يستحق كرامة البنوّة الربانية مجازيا وهو مستمر في مسالك المعرفة والعبودية ، وقد تندد به (وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ ...).
٢ ـ وآخر واصل إلى الله فلا عبادة إذا لمكان الوصول إلى الغرض الأسمى مستدلا بمثل قوله تعالى : (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ)؟ واليقين ذو درجات غير متناهية كما الله غير متناه ولا محدود.