وهنا «ارتبتم» خطاب إلى من يهمهم أمر الوصية وصيا وموصى له وموصى إليه وحاكما شرعيا هم كلهم غير الشهداء ، حضورا في الوصية وغير حضور.
وهنا (شَهادَةُ بَيْنِكُمْ) مصدرا دون اسم فاعل ك «الشاهد بينكم» تلمح لأكيد الشهادة أن تكون خليصة غير خليطة بأية شائبة ، فلذلك اشترطت فيها ـ إن كان الشاهدان من غيركم ـ تلك الشروط المغلظة.
ثم (حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ) هو حضور مقدماته القريبة حسب المعلوم أو المظنون ، و (أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ) لها الصلة القربى ب (إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ) فإن السفر هو الذي قد لا يوجد فيه مسلم يشهد ، وأما الحضر للمسلم فهو بطبيعة الحال في بلد إسلامي أم فيه مسلم إذ لا يساكن المسلم جماعة غير مسلمين إلّا أن يكون فيهم مسلمون ، فلا اضطرار إلى شهادة (آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ) إلّا (إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ).
فحصالة المعني من الآية أن واجب الوصية حسب آية البقرة ـ وهو على من كان عنده مال ـ هو عند حضور الموت وكما هنا ، وواجب عندها محتوم هو استشهاد عدلين مؤمنين بظاهر العدالة لحد لا يصدق عليهما انهما فاسقان ، وإلّا فآخران من غيركم عدلين فيما سوى الإيمان وهو التطبيق الكامل لشرعتها الكتابية مهما كانا قاصرين في ترك الإسلام أو مقصرين ما داما ملتزمين بشرعة إيمان كتابي ، اللهمّ إلّا من يعاند المؤمنين مهما كان قاصرا في تركه الإسلام فضلا عن المقصر ، حيث العدالة هي الكافلة لاستقامة الشهادة ولن تستقيم في جو العناد.
فأقل شرط في شهادة غير المسلم العادل في شرعته عدم العناد لقبيل الإيمان قاصرا أو مقصرا ، فمن المستحيل أن يستأمن الله لهامة الشهادة في الوصية من يعادينا ، ولا ريب أن المسلم الفاسق غير المعاند ـ إذا ـ خير من