الإقسام ، فإنه يختلف حسب مختلف الحالات والمجالات وكما يروى عن النبي (ص) «من حلف عند هذا المنبر على يمين آثمة فليتبوء مقعده من النار ولو على سواك أخضر»(١) فإذا كان إثم الحلف الآثم عند المنبر أكثر فليكن بعد الصلاة أكثر وأظهر.
وهنا (تَحْبِسُونَهُما مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ) ـ قد ـ تختص ب (آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ) لأقربية المرجع وغرابة حبس العدلين بعد الصلاة من شهود المسلمين وإقسامهما ، فهذه وما بعدها حائطة تسد فراغ الإيمان.
ولا يعني الحبس هنا توهينا إياهما ، بل هو توطين لصدقهما (فَيُقْسِمانِ بِاللهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى) فذلك إقسام مع تلقي الشهادة حتى «إن ارتبتم» فيها عند إلقاءها أن «لا نشتري» نحن المقسمان بالله «لا نشتري» بارتيابكم «ثمنا» ولو كان المشترى له «ذ قربى» لنا أم للموصى ، ثم (وَلا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللهِ) التي شهدناها تلقيا أن نلقيها (إِنَّا إِذاً) لو اشترينا به ثمنا (لَمِنَ الْآثِمِينَ).
فضمير الغائب في «به» هو الأمر المرتاب في الوصية ، ثم (وَلا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللهِ) في الوصية ، فحين الارتياب في الوصية من الوصي أم سواه فنحن نشهد كما سمعنا لأنها شهادة الله ، حيث حصلت بأمر الله تلقيا ، فلتؤدّ لله كما حصلت ، كما وأنها مشهودة لله (وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً) و (أَقِيمُوا الشَّهادَةَ لِلَّهِ) (٦٥ : ٢).
(إِنَّا إِذاً) إن اشترينا به ثمنا (لَمِنَ الْآثِمِينَ) : المبطئين عن الصواب الثواب خلاف ما أمر الله ، وقد يرجع الضمير بما رجع إلى الإقسام ، ف «لا نشتري بالقسم ثمنا».
__________________
(١) آيات الأحكام للجصاص ٣ : ٥٩٩.