يكونا موثوقين عند أصحابهما ، عدلين في قضاياهم ، وكما تعنيهم (لَيْسُوا سَواءً مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ ... وَما يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ) فالمتقون من أهل الكتاب هم العدول منهم ، فهم القاصرون ، ومن ثم المقصرون في عدم الانتقال إلى الإسلام شرط عدلهم في شرعتهم.
و (فَأَصابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ) هي إصابة سببه المتعود ولمّا يمت ، وإلّا فكيف يخاطب بخطاب التكليف؟ وبديل الشهادة هنا كسائر البديل يختص بما لم يحصل على أصيل ، ولأن الأصيل هو فقط (ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ) فلا دور لغير ذوي عدل من المسلمين بعد فقدانهما إلّا لذوي عدل من غيرهم ، حيث العدالة هي الحفيظة على الشهادة دون مجرد الإسلام ، فليفضّل العدل غير المسلم ، على غير العدل المسلم في موقف الشهادة ، حيث الضرورات تبيح المحظورات (١) فمهما كانت شهادة غير المسلم على الوصية محظورة في الحالات العادية ، فهي لا بد منها عند فقدان المسلم العدل حفاظا على واجب الوصية حجة لواجب الحقوق ، ولأن المحور هنا الوثوق فليفضل العدل غير المسلم على المسلم غير العدل.
ولأن العدالة النسبية لا توجد عند غير الموحدين ، فليكن «غيركم»
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٦٨٦ في عيون الأخبار في باب ما كتبه الرضا (ع) الى محمد بن سنان في جواب مسائله في العلل : وعلة ترك شهادة النساء في الطلاق والهلال لضعفهن عن الرؤية ومحاماتهن للنساء في الطلاق لذلك لا تجوز شهادتهن إلّا في موضع ضرورة مثل شهادة القابلة وما لا يجوز للرجال أن ينظروا إليه كضرورة تجويز شهادة أهل الكتاب إذا لم يوجد غيرهم وفي كتاب الله (اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ) مسلمين (أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ) كافرين.
أقول وروى ما في معناه حول (أَوْ آخَرانِ) أبو الصباح الكتاني وهشام بن سالم عن أبي عبد الله (ع).