بالذين لا يحكمون بما أنزل الله وهم في موقف الحكم بما أنزل الله ، متخرجين عن حوزته الاستحفاظية توراتية وإنجيلية وبأحرى منهما الحوزة الاستحفاظية القرآنية.
(وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ) (... هُمُ الظَّالِمُونَ) (... هُمُ الْفاسِقُونَ) فمثلث الشرطية هذه تحلّق حكم الكفر والظلم والفسق على كل هؤلاء الذين لا يحكمون بما أنزل الله ، حيث هم سكوت في مجالات الحكم عن أن يحكموا بما أنزل الله مهما لم يحكموا بغير ما أنزل الله ، فإن حكموا بغير ما أنزل الله فهم أنذل وأرذل حيث هم ـ إذا ـ أكفر وأظلم وأفسق من هؤلاء الساكتين عن الحكم بما أنزل الله.
وبصيغة واحدة (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفاصِلِينَ) (٦ : ٥٧) وذلك يعم كافة الأحكام بين عباد الله ، من أحكام خاصة هي الأقضية بين المتنازعين ، والأحكام العامة الشاملة لكافة المسئوليات الشرعية.
وما رسل الله عليهم السلام إلّا حملة لأحكام الله حيث يحكمون وحيا بما أنزل الله ، ثم من يخلفهم من خلفاءهم المعصومين عليهم السلام ، ومن ثمّ العلماء الربانيون المتخرجون من الحوزة الاستحفاظية فيما أنزل الله أيّا كان ، وأحفظ الحوزات الاستحفاظية للذين يحكمون بما أنزل الله هي الحوزة القرآنية السامية ، وعلى ضوءها حوزة السنة المحمدية (ص). فكل حكم بغير ما أنزل الله ـ أيّا كان سنده وسناده ـ هو حكم الجاهلية مهما اختلفت دركاته : (أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) (٥ : ٥٠).
فحكام الشرع في الحوزات الإفتائية العامة ، أو الحوزات القضائية الخاصة ، ليس لهم أن يصدروا في أحكامهم إلّا (ما أَنْزَلَ اللهُ) شرط تخرّجهم عن الحوزة الاستحفاظية القرآنية علميا عقيديا وعمليا ، فغير الحائز على شروط الحكم غير جائز له أن يحكم ، فحتى إن أصاب فمصيره إلى