من هذه الجهة ، ثابتة من حيث عديد القاتل والمقتول ، والقول إن المائدة ناسخة غير منسوخة فكيف تنسخ آية (النَّفْسَ بِالنَّفْسِ) ب (الْحُرُّ بِالْحُرِّ) مردود بأن آية المائدة تنقل حكمها عن شرعة التوراة وآية البقرة إنما نسخت الآية التوراتية المنقولة في المائدة فلم تكن المائدة هي المنسوخة ، إنما هي الآية التوراتية حيث نسخت في كمّ القصاص بآية البقرة ، والتفصيل راجع إلى البقرة (١).
ذلك ، ولأن (النَّفْسَ بِالنَّفْسِ) لم تنسخ إلّا في غير المماثل عدّة ـ إذا ـ ، فليست العدة لتنسخ ، فالقتيل الواحد لا يقتل به عدة قاتلة لمكان (النَّفْسَ بِالنَّفْسِ) وهنا «النفوس بالنفس»! فهو تعد عن طور العدّة ، وهو ظلم كما في آية الأسرى : (وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً) (١٧ : ٣٣) وقتل العديد بواحد إسراف في القتل ، والقتل دون قتل أو فساد تبذير في القتل ، والقتل المساوي المماثل عدل في القتل.
فالروايات المتعارضة بشأن جواز قتل العديد بواحد وعدمه معروضة على الآيتين المانعتين عن الجواز (٢) مهما أدعي إجماع الطائفة على المخالفة للقرآن!.
__________________
(١) فما في الدر المنثور ٣ : ٢٨٨ عن النبي (ص) قال : من قتل عبده قتلناه ومن جدعه جدعناه فراجعوه فقال : «قضى الله أن النفس بالنفس» مردود بآية البقرة.
(٢) الموافقة للآيتين معتبرة أبي عمر عن أبي عبد الله (ع) قال : إذا اجتمع العدة على قتل رجل واحد حكم الوالي أن يقتل أيهم شاءوا وليس لهم أن يقتلوا أكثر من واحد إن الله عز وجل يقول (وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً) (الكافي ٧ : ٢٨٤ والتهذيب باب الإثنين إذا قتلا واحدا رقم ٥ والإستبصار ٤ : ٢٨٢ ومثلها صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله (ع) في عشرة اشتركوا في قتل رجل؟ قال : يتخير أهل المقتول فأيهم شاؤوا قتلوه ويرجع اولياء على الباقين بتسعة أعشار الدية(الفقيه في حكم الرجل يقتل الرجلين رقم ٣). وتعارضهما معارضة للآيتين صحيحة عبد الله بن مسكان عن أبي عبد الله (ع) في رجلين قتلا ـ