يحكم بين أهل التوراة بتوراتهم وكما حكم مهما وافق حكم القرآن وكما «ذكر لنا أن نبي الله (ص) قال : لما نزلت هذه الآية : نحن نحكم على اليهود وعلى من سواهم من أهل الأديان» (١).
فليس «النبيون» هنا تختص بأنبياء التوراة ، بل ونبينا ـ وبأحرى ـ في ذلك الحكم ، فإنه «النبيون» أجمع ، وهو أوّل المسلمين أجمع ، فقد يحكم (لِلَّذِينَ هادُوا) بتوراتهم كما يحكم لأهل الإنجيل بإنجيلهم ، الخارج في حكمه بهما عن تدجيلهم ، ويحكم لأهل القرآن بالقرآن : (فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ).
ذلك ، وعلى الحاكم بين عباد الله أن يحكم بما أنزل الله ، على ضوء (هُدىً وَنُورٌ) أنزلهما الله في كتابه ، بما استحفظ من كتاب الله ، دون ما ضيّع عنه أم ضيّعه ، ولا ما نسيه أو تناساه.
فالعائش في الحوزة الاستحفاظية القرآنية ، المتخرج منها علميا وعقيديا وتطبيقيا ، هو الذي يجوز له ويفرض عليه أن يحكم بكتاب الله بين عباد الله ، حكم الإفتاء في عامة الأقضية وخاصتها ، في مجلس الإفتاء والقضاء ، وشروط القضاء الصالح هي من أكثر الشروط وأوفرها بين كافة المناصب الروحية.
وهنا (النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا) حيث هم موصوفون بالإسلام ، بيان شريطة الإسلام لله في الحكم بما أنزل الله مهما كان درجات كما النبيون درجات وسائر الحكام في إسلامهم درجات.
فالمدعي للنبوة وهو غير مسلم لما أنزل الله يرد حكمه إليه ، ومن دون
__________________
(١) الدر المنثور ٣ : ٢٨٦ عن قتادة وذكر لنا ... وفيه عن الحسن في الآية : النبي (ص) ومن قبله من الأنبياء ويحكمون بما فيها من الحق.