إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) (٢ : ٢١٣).
ولا يخش المحكوم عليه بخلاف حكم الله عن أن يفضح الحاكم كما يستطيع ، لا يخش الحاكم ولا من سواه ، فلا خشية ـ إذا ـ في إيجابية الحكم بما أنزل الله إلّا من الله ، ولا في سلبيته أمام الحاكمين بغير ما أنزل الله إلا الله (فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ) فكونوا موحدين لله لا تخشون إلّا إيّاه.
فلقد علم الله أن الحكم بما أنزل الله ستواجهه هذه العرقلات في كل زمان ومن كل أمة ، إذ لا تتقبله نفوس متنافسة على عرض هذا الأدنى ، فتعارضه الكبراء والطغاة حيث ينتزع منهم رداء الربوبية المزعومة لهم ، ورداء الحكم المدعى منهم ، فيرده إلى الله رب العالمين ، كما ستواجهه معارضة أصحاب المصالح المستغلين بكل ظلم وزور ، ومعارضة الطامعين في أموال أصحابها وسلطات ذوي السلطان ، ثالوث من المعارضات لحكم الله.
ذلك (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ) أيا كانوا وأيان ، حيث الشرطية تخرج حكم الكفر عن كل ملابسة خاصة فتنطلق حكما عاما صارما يحلّق على كل من يحملها دون إبقاء.
وهذه السلبية أمام ما أنزل الله تختص بالذين يحكمون حيث هم في ظروف الحكم ، فالعارف بحكم الله ، المسؤول عنه وهو في موقف التساءل ، إذا اتخذ الجانب السلبي دون أي عذر (فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ) فكيف ـ إذا ـ حال من حكم في موقفه هذا بغير ما أنزل الله؟ فأولئك هم أشد كفرا.
فكما الساكت عن الحق في مجال النطق به شيطان أخرس ، كذلك الناطق بالباطل هو أشطن من الساكت عن الحق ، فإذا كان الحق هو حكم الله كان الناطق بغير ما أنزل الله أكفر ممن (لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ).
وفي رجعة أخرى إلى الآية نقول : الحاكم الأوّل بما أنزل الله هم «النبيون» أيا كان ما (أَنْزَلَ اللهُ) فحق لأفضل النبيين محمد (ص) أن