والمعنيان ـ علّهما ـ معنيان لملائمة اللفظ والمعنى ، فهم من الأنبياء الصادقين الذين أسلموا ، وكما أسلموا التورات للذين هادوا.
وقد يؤيد الآخر حذف المفعول ل «أسلموا» وأن (لِلَّذِينَ هادُوا) دون «في ـ أو ـ على ـ» مما يوسع نطاق الاحتمال في حقل «أسلموا».
ثم (لِلَّذِينَ هادُوا) في وجه طليق يشمل كافة المكلفين بالشرعة التوراتية ، فإنهم بين الذين هادوا إلى الحق والذين هادوا عن الحق هودا أم سواهم ، وكما هو في وجه خاص ببيت إسرائيل يشمل إلى عامتهم ـ مؤمنين وفاسقين ـ خاصتهم من الأحبار والربانيين.
وترى ما هو الفارق هنا بين (هُدىً وَنُورٌ)؟ قد تعني «هدى» مواد الهدى المسرودة في التوراة لأصول شرعتها وفروعها كما تناسب الردح الزمني الحاكم فيه التوراة.
وأما «نور» فهي الهدى التي تحصل للمهتدين على ضوء هذه الهدى ، فهي ـ إذا ـ عامة ، والنور هي واقعها للمهتدين بالتوراة ، فالفارق بينهما ـ عموما مطلقا ـ كما الفارق بين (هُدىً لِلنَّاسِ) و (هُدىً لِلْمُتَّقِينَ).
ذلك ، كما وهي التي تنير الدرب لشرعة مستقبلة بنبيّ يقبل ، فهي ـ إذا ـ البشارات المودوعة في التوراة بحق الرسالة القدسية القرآنية ، فالحكم ب «هدى» هو المخصوص بحقل الشرعة التوراتية لزمنها الخاص ، والحكم ب «نور» يبين تلكم البشارات للناس ليكونوا على خبرة بتلك الشرعة الآتية.
ثم ومن «نور» ما ينير الدرب في التورات على أصيله من دخيله ، وما يوضح الغامض منه حيث يفسر بعضه بعضا وينطق بعضه على بعض كما هي طبيعة الوحي أيا كان.
ومنها «نور» مستفادة من التدبر في آياتها والعمل بها حيث تزداد