وترقيتها إلى مراقي الصلاح والإصلاح ، استجاشة لمشاعر التقوى ، وإخافة عن الطغوى.
فالدور الأوّل في النظام الرباني هو دور التعليم والتربية ، ثم دور الأمر والنهي والموعظة الحسنة ، ومن ثم يأتي ـ كدور أخير ـ دور التأديب بحدود أو تعزيرات بالنسبة للذين لا يرتدعون بأي رادع سواها ولكي يتم الأمن وتطم الطمأنينة في الجماعة المسلمة ، وهنا تعرف مدى الصلاحية العامة لضابطة (وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الْأَلْبابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)!.
وحصيلة البحث عن آية المحاربة : أن محارب الله ورسوله والساعي في الأرض فسادا في أشد مراحله تجري عليه أحد الحدود الثلاثة صلبا أو قتلا أو تقطيعا ، ولا سيما الذي قتل أو فتن أو أضل عقيديا ، وأما الخارج عن المحاربة والإفساد بالنسبة لناموس العقيدة والنفس ، فلا قتل وإنما (يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ) وهي أرض الإفساد ، غرقا وهو أشده ، ونفيا عن بلاد الإسلام ، ثم عن بلده ، ثم عن حريته إلى السجن ، ثم عن شغله شعبيا أو حكوميا ، فكلّ قدر صدّ الإفساد ، أو تأديبه حتى لا يفسد ، فإنما القتل أو الصلب فيما لا سبيل إلى صده عن الإفساد تأديبا أو نفيا من الأرض ، ولا يشمل «أو ينفوا ...» تعزيره ، فإنه دون هذه كلها ، لأنه بالنسبة لغير السعي في الإفساد ، من فساد دون سعي إذا كان متجاوزا إلى غيره.
و (إِلَّا الَّذِينَ تابُوا ...) حسم لمادة العصيان أيا كان.
فعلى حكام الشرع رعاية الحائطة الكاملة في حقل الحدود ، فما لم يثبت حق في حد فلا حق لهم أن يبادروا في ذلك الحد ، ولأن الحدّ تأديب يعالج مشكلة السعي في الفساد وأضرابها من مشاكل التخلفات ، فليحدّد الحدّ عند حد التأديب والصد عن الجريمة ، دون فوضى الخشونات التي قد يترائى أنها من حدود الله في إجراءات الحدود.
فلا حدّ ـ إذا ـ إلّا فيما تبين كالشمس في رايعة النهار أنه محاربة الله أو