وقد نبحث حوله في آية المائدة هذه والتوبة (وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ ذلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْواهِهِمْ يُضاهِؤُنَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) (٣١) فإليهما التفصيل (١) وهنا إجمال كما تقتضيه آيتنا.
إنهم يغالون في المسيح ما لم يقله أو يغله في عباراته أو إشاراته ، فقد يصرح بأنه عبد الله في ثمانين موضعا كما درسناه في مريم (٢) ويزيف أسطورة
__________________
ـ بدع النصارى ـ : من ذلك بدعة كان أصحابها يقولون بالوهية العذراء مريم ويعبدونها كأنما هي الله ويقربون لها أقراصا مضفورة من الرقاق يقال لها (كلّيرس) وبها سمي أصحاب هذه البدعة (كلّيريين) وهذه المقالة بالوهية مريم كان يقول بها بعض أساقفة المجمع النيقاوي حيث كانوا يزعمون أن مع الله الأب إلهين هما عيسى ومريم ، ومن هذا كانوا يدعون المريمين وكان بعضهم يذهب إلى أنها تجردت عن الطبيعة البشرية وتألهت وليس هذا ببعيد عن مذهب قوم من نصارى عصرنا قد فسدت عقيدتهم حتى صاروا يدعونها تكملة الثالوث ناقص لولاها وقد أنكر القرآن هذا الشطط لما فيه من الشرك ثم اتخذه محمد ذريعة للطعن في عقيدة التثليث».
ويذكر (ابيقان) الفلسطيني في كتابه : الشامل في الهرطقات : بدعة عربية يسميها (الكلّيرين) من (كلّيرس) قرص خبز من طحين الشعير كانت تتعاطاها بعض نساء العرب النصارى فيقدّمن من تلك الأقراص قرابين عبادة لأم المسيح على مثال ما كانت تقدمه نساء العرب الجاهليات للإلهة (اللات).
والمجمع المسكوني الثالث عام ٤٣١ يلقب مريم «أم الله» أليس هذا دليلا على أنهم كانوا يؤلهون المسيح وأمه من دون الله.
وفي كتاب اللاهوت العقائدي ٢ : ١٠٨ ل (لودويغ أوث) : أن مريم هي حقا أم الله تقول الكنيسة في قانون الرسل بأن ابن الله ولد من مريم العذراء فهي أم الله من حيث هي أم ابن الله!.
أقول : والتفصيل راجع إلى كتابنا (عقائدنا).
(١) راجع أيضا «عقائدنا» ٦٥ ـ ١٤٥ و «حوار» ٣٨٣ ـ ٣٩٩ وج ٣٠ الفرقان على ضوء سورة التوحيد ، فلا نعيد هنا تفصيلا إلّا على ضوء آيتي المائدة والتوبة.
(٢) ج ١٦ الفرقان ص ٣٠٥.