أو ليس القاعدون أولوا الضرر وغير أولي الضرر ، ثم كلّ حسب نيته وطويته ، درجات ، إذا فتفضيل المجاهدين في سبيل الله على القاعدين بدرجة ، لا يعارض (دَرَجاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً) فإنها تشمل درجة التقابل بينهما ودرجات كلّ بين قبيله (وَكانَ اللهُ غَفُوراً) لمن يستحقه «رحيما» من يأهلها ، ما لم يكن الغفر والرحمة خلاف العدل.
ثم الجهاد في قول فصل ليس ملابسة طارئة من ملابسات الفترة المدنية ، لا سيما وأنه لا يختص بالقتال ، فالمؤمن حياته جهاد في كل قضايا الإيمان الحركية.
أجل ، وإنه ضرورة تصاحب ركب هذه الدعوة السامية على مدار الزمن الرسالي ، وليس كما توهمه بعض أن الإسلام نشأ في عصر الإمبراطوريات فكان لا بد له من حفظ التوازن من قوة قاهرة يهاب منها ، كيف وقد أمر بقتال الكفار المشاغبين إزالة لكل فتنة : (وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ) (٨ : ٣٩) (لِيَقْطَعَ طَرَفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خائِبِينَ) (٣ : ١٢٧).
فالحياة الإسلامية حياة جهادية سلبا للفتن وإيجابا لصالح الحكم العالمي المحلّق على كل المكلفين ، وليس كما يتقوله بعض النسناس أن الإسلام دين السيف الشاهر التوسّعي ، إنما هو سيف للحفاظ على النواميس ، وتثبيت المتاريس دفاعا عنها وإصلاحا للناس.
فالجهاد ـ إذا ـ فطرة وجبلّة إسلامية وليست ملابسة وقتية ومصلحية طارئة ، فلقد كان يعلم الله أنه أمر يكرهه الطغاة البغات ، أصحاب الشهوات والسلطات الجهنمية.
ويعلم أن الشر متبجح لا يدع الخير ليوجد أو ينمو ، فالخير بمجرد نشوءه