تعرف الكبائر بأعيانها حتى تجتنب بغية تكفير الصغائر ، ولا تجد إلا القليل القليل من المؤمنين التاركين لكل المعاصي حتى اللمم.
ذلك ، بل إن وعد الرحمة هذه تشجيع على الفحص لتعرف الكبائر وكما نعرفها من آياتها التي تحويها بقرائنها الظاهرة.
و (مُدْخَلاً كَرِيماً) الموعود لمجتنبي الكبائر علّه هو مثلث النشآت دنيا وبرزخا وعقبى.
وقد تعم «كبائر» العقائدية إلى العملية حيث النهي يعمهما كلفظة الكبائر ، فالتكفير ـ إذا ـ ضابطة سارية المفعول في كافة الكبائر المنهية ، ما لم تصبح الصغائر بالإصرار فيها كبائر.
وذلك التكفير الخاص باجتناب الكبائر يلغى فيه شرط التوبة ، وعلّ نفس ترك الكبائر وعدم الإصرار في السيئات هو نفسه حالة التوبة والندم ، وإلّا لكان يزداد في سيئاته فيصبح ممن (كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) (٢ : ٨١).
ذلك ، ولكن الكبائر بحاجة في تكفيرها إلى توبة ثم شفاعة أماهيه من مكفرات في الدنيا أو الآخرة.
أترى أن تكفير السيئات بترك الكبائر تشجيع عليها أو أنها لا تعتبر محرمات؟ كلّا! بل هو تشجيع على ترك الكبائر ، وما من مؤمن إلا وقد يقترف سيئة ، فالحكمة الربوبية الصالحة التربوية تقتضي هكذا تكفير سياجا على الكبائر ، وهياجا على تضبيط النفس عن حرمات الله ، ودفعا عن اليأس عن رحمة الله وروحه.
فلا يعني ـ إذا ـ تكفير السيئات انها غير داخلة في المحظورات ، فإنما ذلك التكفير في عداد الإثابة على ترك الكبائر ، والسيئات غير المكفرة هي سيئات كما