يتأدب المسلّم بأدب يبدأ به غير المسلّم كان ذلك مزرءة على الإسلام وإبعادا لغير المسلّم عن التقرب الى حظيرة الإسلام ، ولقد كانت الآداب والأخلاق الإنسانية والإسلامية السامية هي التي تجلب الناس الى الإسلام بفعل النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) والذين آمنوا معه.
ذلك وكما نسمع ربنا يأمر بالسلام على الجاهلين فضلا عن الرد عليهم : (وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً) (٢٥ : ٦٣) ـ (وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقالُوا لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ) (٢٨ : ٥٥).
ذلك وحتى بالنسبة للذين لا يؤمنون فضلا عمن يرجى إيمانه : (وَقِيلِهِ يا رَبِّ إِنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ لا يُؤْمِنُونَ. فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) (٤٣ : ٨٩).
وكذلك بالنسبة للمشركين كما قال إبراهيم لأبيه آزر : (سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كانَ بِي حَفِيًّا) (١٩ : ٤٩).
ولم تنسخ في القرآن سنة السّلام بداية وردا على غير المسلمين ، مهما حرض عليه بالنسبة للمسلمين : (وَإِذا جاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتِنا فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ) (٦ : ٥٤) ـ (وَالسَّلامُ عَلى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدى) (٢٠ : ٤٧) ـ (قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى) (٢٧ : ٥٩) ، وليس هذا إلّا اختصاص الفضيلة دون أصل السنة بدء وردا.
ولا محظور معنويا في أدب الشرعة الربانية في السّلام على غير أهل الإسلام ، فإخباره إنباء أنه ليس منا عليكم إلّا السّلام ، دعوة الى السّلام هنا والى دار السّلام ، ف «إن الله جعل السلام تحية لأمتنا وأمانا لأهل ذمتنا» (١)
__________________
(١) الدر المنثور ٢ : ١٨٩ ـ أخرج الطبراني والبيهقي عن أبي إمامة سمعت رسول الله (صلّى الله عليه ـ