حتما أو احتمالا عقلائيا ، اللهم إلّا ما فرض علينا الخوض فيها كالقتال في سبيل الله ـ أو رجّحه ـ ولكن الحياد فيها أيضا مفروضة ما لم يعن فشلا وتكاسلا وتخاذلا : (قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذاً لا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلاً) (٣٣ : ١٦).
فعلى المقاتل في سبيل الله الحائطة الشاملة في أمرين : على نفسه ما وجد إليها سبيلا ، وعلى انهزام الكافرين ، تكريسا لكافة قواته واحتياطاته في كلا الأمرين ، دون أن يتهدر في أحدهما دون الآخر ، وإنما عليه تحصيل (إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ) تقديما أصيلا لحسنى الحياة الإيمانية بغلب المسلمين على الكافرين ، ثم الحسنى الأخرى في سبيل الأولى وكلتاهما «سبيل الله».
إن الموت كأصل شامل مدرك كل حي أينما كان (وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ) فلا يمكن الفرار عن أصل الموت بالتخلي عن القتال.
ولأن واقع الموت ليس إلّا بيد الله (وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ كِتاباً مُؤَجَّلاً) فليكن أجله بأمر الله كما يأمر بالقتال ، فإن كان أجله المحتوم أو المعلق في القتال فنعما هو ، وإن لم يكن فنعما هو ، فقد يربح المقاتل (إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ) والتارك لفرض القتال يخسرهما الى إحدى السوأتين ، فحياته ممات كما ومماته ممات.
ذلك (وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِكَ) تفريقا بين الله ورسوله كشيمة الكافرين : (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً أُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً) (٤ : ١٥٠).
ذلك! وجعلا للرسول عدلا لله وكأنه إله الشر وجاه الله إله الخير؟ وليس