تُظْلَمُونَ) في الأولى والأخرى «فتيلا» فلا يأتيكم أجلكم بالقتال ظلما ، بل هو عدل محتوما ومعلقا.
فلئن علم المؤمن قتله في سبيل تحقيق أمر الله فنعمّا هو ، فضلا عما لا يعلم ، فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا.
والتنديد هنا ـ كما فيما مضى ويأتي ـ موجه الى مثلّث المنافقين وضعفاء الإيمان والذين أسلموا ولما يدخل الإيمان في قلوبهم ، فالآخرون يقولون قولتهم على بساطة وجهالة ، والأولون بحيلة ومماكرة ، والأوسطون بقلة إيمان.
وقد تكون طبيعة الحال للمؤمن البدائي في الظروف الصعبة الملتوية المكية المعرقلة على صف الإيمان ، قد تكون تكوّن فيه ظاهرة الدفاع عن حق الإيمان المرضوض في حرم الله ، فهنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا ولم ينج إلّا من رحمه الله ، وهم الفريق الآخر الذين قاتلوا لما أمروا بالقتال مهما كان منهم السباق الى القتال في العهد المكي وقد نهوا عنه.
ومن الحكم الحكيمة ـ اللّائحة لنا في كف الأيدي في الفترة المكية التي كانت لاذعة لا تطاق ، ولا سيما بالنسبة لهؤلاء الذين عاشوا حياتهم الهجمات البدائية فضلا عن الدفاعية ـ فمنها ما يلي :
١ إن الفترة المكية كانت هي رأس الزاوية التربوية الإيمانية ، إعدادا لطائل المصابرات والمثابرات أمام الخطرات والحرمانات ، تربية على الصبر على ما لا يصبر عليه عادة ، تجردا عن الإنيات والعصبيات وضبطا للأعصاب في كل الأعتاب ، فلا تندفع وتهتاج لأول ظاهر من مظاهر الهياج والاندفاع ، وليتم الاعتدال في الطبيعة الإيمانية ، تربّيا على اتباع القيادة السليمة في كل خالجة وخارجة مهما كانت مناحرة للمألوف عنده والمعروف لديه.