أمر باتّ لا حول عنه بالقتال في سبيل الله ، ولا يأتمر به إلّا (الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ) تضحية بالفانية للباقية ف (إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (٩ : ١١١) وأما الشاري الحياة الآخرة بالدنيا ، أم غير الشاري إحداهما بالأخرى فليس ليقاتل في سبيل الله.
(وَمَنْ يُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ) إحياء للحق واماتة للباطل «فيقتل» في هذه السبيل (أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً) يوم الأجر العظيم.
وإنما «يغلب» دون «يقتل» لأنه قد يقتل ولا يغلب ، ثم وليس القصد من القتال في سبيل الله القتل فاعلا أو مفعولا بل هو غلب الحق على الباطل قاتلا أو مقتولا ، إذا ف «يقتل» هي إحدى الحسنيين كما «يغلب» هي الحسنى الأخرى مهما قتل أو قتل ، أم لم يقتل ولم يقتل ، أو قتل وقتل ، والغاية القصوى من القتال في سبيل الله «أو يغلب» مهما قتل أو لم يقتل ، ولكنه إذا قتل فهو معهما ثلاث هم مشتركون في (أَجْراً عَظِيماً).
ولا معنى للقتال في حقل الإيمان إلّا (فِي سَبِيلِ اللهِ) دون سائر السبل المتخلفة عن سبيله ، من سبيل الغنيمة والسلطة والمجد شخصيا وقوميا وتوسيعا أيا كان ، إنما هي إعلاء كلمة الله وإخفاض كلمة الباطل سواء غلب أو غلب ، قتل أو قتل.
فالقتل فاعلا ومفعولا في سبيل غلب الحق على الباطل حياة ، والحياة في سبيل غلب الباطل على الحق ممات ، و «فوق كل بر بر حتى يقتل الرجل في سبيل الله فإذا قتل فليس فوقه بر» (١).
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٥١٧ في كتاب الخصال عن جعفر بن محمد عن أبيه (عليهما السّلام) أن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال : ....