فوزا لسائر إخوته المؤمنين ، كما أن مصيبتهم مصيبة ، فهذه القالة المنافقة تدل على أن (لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ)؟ وليست «كأن» إلا مجاراة معهم لتجذبهم إلى قضية الإيمان.
فكيف بالإمكان أن يسمح الإيمان بهذه الخاطرة الخطرة المقلوبة أن تعتبر المصيبة على الاخوة في الإيمان نعمة إذا لم تصبه ، والفوز بالغنيمة فضلا وفوزا عظيما؟.
وإن هذه مصيبة عليهم دونهم نعمة عند الذين لا يتعاملون مع الله ولا يدركون حق الحياة ولا يتطلعون إلى آفاق أعلى من مواطئ الأقدام في هذه الأدنى ، ولا يحسون أن البلاء في سبيل الله فضل كسائر النعماء.
فهم أولاء المبطئون عن معارك الشرف والكرامة ينظرون إليها نظرة عشواء عوراء ، أنها بين مصيبة وفوز ، وهي تحمل إحدى الحسنيين وكلتا هما فوز عظيم وفضل من الله ، وذلك هو الأفق السامق الذي يريده الله للمؤمنين أن يرفعهم إليه ، راسما لهم هذه الصورة المنفرة من سيرة نخرة نكرة للمندسّين في صفوفهم من المبطئين ، ليأخذوا منهم حذرهم كما يأخذونه من أعدائهم الجاهرين.
ولأن المودة الإيمانية توحّد بين المؤمنين لحد كأنهم شخص واحد ، فالقول (يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ) يجعلهم (كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ) فلهم التحسر والترح في إصابة الفضل ، والفرح في إصابة مصيبة ، وكلاهما فضل وهذه مجانبة وتفارق دون أية مودة ، وقضية الإيمان الفرح لفرح المؤمنين والترح لترحهم لأنهم كأطراف شخص واحد ، يحكمهم روح واحدة في أبدان عدة.
وهذه من شيمة النفاق مهما حصلت لضعفاء الإيمان ، المخاطبين بخطاب الإيمان.
وحقا «لو أن أهل السماء والأرض قالوا قد أنعم الله علينا إذ لم نكن مع