الفصاحة ولا سيما القمة القرآنية تعلق «من نساءكم» بنسائكم الأولى مع الثانية لركاكته في نفسه ، وان قيد الجملة المستقلة الثانية ليس ليعم الجملة الأولى ، ولا سيما إذا أصبح وصفا لموصوفين مختلفي العامل ، وهو لأقل تقدير إشارة خفية الى التعلق بالنساء الأولى ، رغم ان بيانه الصراح أحرى من الثانية ، فلا يتحمل إطلاق الأمهات في الآية ذلك القيد المقحم في روايات هي في أنفسها معارضة بأخرى هي أحرى بالتصديق لموافقة الكتاب.
(وَرَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ)
الربيبة هي بنت الزوجة من غيره اعتبارا بأنها تربّى في حجر الزوج بطبيعة الحال ، و (اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ) هي حكمة لتحريمهن على الزوج ، وليست علة يدار معها الحكم ، بل هي حكمة غالبية أنها تربى في حجرك كسائر بناتك فكيف يحل زواجها ، وكيف تكون غير ذات محرم!.
ومما يحكم عرى التحريم هو الدخول بأمهاتهن : (مِنْ نِسائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ) فهو الذي يدار عليه الحكم أينما دار ، سواء أكانت الربائب في حجوركم أم لم يكنّ ، وسواء كن مولودات قبل زواجكم أم بعد تطليقهن وزواجهن بأزواج آخرين ، حيث (مِنْ نِسائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ) تشمل ماضي الدخول ومستقبل الربائب كماضيهن.
فالزوجة التي دخلت بها فيما مضى تحل بنتها من غيرك وإن أتت بها بعد تطليقها حيث يصدق أنها (مِنْ نِسائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ) لمكان مضي الدخول وهو صادق في مضي الزواج.
ومما يبرهن أن قيد (اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ) غالبي للتأشير الى حكمة في الحكم صراح المفهوم (فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ) دون زيادة : «ولم يكن في