فان قضيته ان يكون النص «تعالوا» من عال يعال ، إضافة إلى أن الثقل ليس في واحدة وقد شملها «ألا تعولوا»!
فهي ـ إذا ـ من العول وهو الميل والانحراف عن العدل ، ف «عال عيلا» يائيا من العيلولة ، وعال عولا وأويّا بمعنى الميل والخيانة ، فذلك ادنى ألا تميلوا إلى بعض دون بعض أو على بعض لبعض وهذا يناسب (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً).
وقد يروى عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) معنى العول الجور قائلا «أن لا تجوروا» (١) وحقيقة العول وأصله في اللغة الخروج عن حد الاعتدال والمجاوزة للقدر ، فالعول في الفريضة خروج عن حد السهام المسماة لأهلها ، ومن العول هنا هو الزاوية الأكثر ابتلاء ألا تقسم منهن إلّا لبعض دون بعض ، ان تجور على بعض تفضيلا في العشرة خلقا ومأكلا ومشربا وملبسا ومسكنا ومنكحا ، ذلك والأصح هو الجمع بينها إذ لو عنيت إحدى هذه الثلاث لجيء بصيغتها ، مهما كانت «لا تعولوا» اظهر في الميل لا سيما وان العيلولة هي من موجبات العول والميل على العيال ، ثم العيلولة لا تختص بعيلولة النفقة ، بل تعم الأعم منها والأهم وهي عيلولة العدالة من زواياها الأربع ، فمهما كان
__________________
(١) الدر المنثور ٢ : ١١٩ ـ اخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان في صحيحه عن عائشة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) «ذلك ادنى ان لا تعولوا» قال : ان لا تجوروا ، وفيه عن ابن عباس قال : أن لا تميلوا كما في قول الشاعر :
انا تبعنا رسول الله واطرحوا |
|
قول النبي وعالوا في الموازين |
وقول أبي طالب :
بميزان قسط لا تخيس سعيرة |
|
ووزان صدق وزنه غير عائل |
وفيه عن أبي إسحاق الكوفي قال : كتب عثمان بن عفان الى اهل الكوفة في شيء عاتبوه فيه : اني لست بميزان لا أعول ، وفيه نفس المعنى عن مجاهد والضحاك.