وقد يتسق ظل هذه الفقرة في الدعاء مع ظلال السورة كلها في اتجاهها في خضم المعركة الشاملة مع الشهوات ، اتجاها الى الله في النجاة منها إلى مرضاته تعالى.
(رَبَّنا وَآتِنا ما وَعَدْتَنا عَلى رُسُلِكَ وَلا تُخْزِنا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ).(١٩٤)
وهنا اكتملت الأدعية الثمان لأهل الجنة عدد أبواب الجنة ـ الثمان (فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ ...).
وذلك استنجاز لوعد الله الذي بلغته رسله ، و (عَلى رُسُلِكَ) دون برسلك أمّا شابه اعتبارا بتضمن «على» معنى العهدة ، ان الله تعالى عاهدهم على بلاغ هذه الرسالة ، لزاما في بلاغهم الرسالي.
وترى كيف يدعون (آتِنا ما وَعَدْتَنا) ومحال على الله ان يخلف الميعاد كما اعترفوا به؟ (آتِنا ما وَعَدْتَنا) له جانبان ، وعد الجزاء على صالح الأعمال ، والتوفيق لتلك الأعمال حتى ينطبق عليهم وعد الله ، فكما ان الدعاء للثاني صالح للصالحين استمدادا من الله ، كذلك للاوّل تخضعا له وتذللا بأننا لا نليق تحقيق وعدك فلو تركته ما كنت تاركا لحق ، ولكنا نسألك ان تحقق وعدك فينا على قصورنا وتقصيرنا (إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ) مهما أخلفنا نحن الميعاد.
(فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ثَواباً مِنْ عِنْدِ اللهِ وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوابِ) (١٩٥).
ويا لها من استجابة حبيبة غالية كضابطة ثابتة (أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ) فنفس العمل الصالح ـ قولا وفعلا وحالا ـ باق وكما تدل عليه آيات