فالبلاء النازل فجأة فجيعة لا تحمل ، ولكن النازل على علم به وترقب له ليس بتلك الصعوبة الفاجعة ، وهكذا يوطن الله قلوب المؤمنين على النوازل ، لكي يستعدوا لها ، حين تتناوشهم الذئاب بالأذى ، وتعوى حولهم بالدعايات المضللة ، وحين يصيبهم الابتلاء منهم والفتنة.
ف «لتبلون» أيها المؤمنون حسب قابلياتكم وفاعلياتكم ودرجاتكم (فِي أَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ) ـ «أموالكم» التي حصلتم عليها في تحصيلها وصرفها وإنفاقها ، و «أموالكم» التي تجاولون في تحصيلها «أنفسكم» في ذواتكم ثم «وأنفسكم» فيمن يتصلون بكم بقرابة او نسبة او اتصال أخوي ايماني (وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ) كاليهود والنصارى «ومن الذين أشركوا لتسمعن .. أذى كثيرا» من لغو القول الزور والغرور ، ومن ألوان التهم والشبهات المفتّتة لعضد الايمان والدعايات الهارفة الخارفة الخواء الهادفة القضاء على الإسلام ، وكما نراها ونسمعها من المبشرين المسيحيين ومن الصهاينة المجرمين ، سلسلة موصولة مع الزمن لكي ينالوا من شرعة القرآن والمتشرعين بها كل نيل ويميلوا بهم كل ميل.
تلك الدعايات الواسعة من كتاباتهم وابواقهم الجهنمية ضد الإسلام ومعهم استعمار الشرق والغرب ، ولهم طائلة الأموال والعدة والعدة المديدة ، ولكن :
(وَإِنْ تَصْبِرُوا) على أذاهم صبرا جميلا فلا تتفلتوا عن صامد الإيمان ولا تظنوا بالله ظن الجاهلية ، صبرا فيه الحفاظ على صالح الإيمان والجدال على طالح الكفر ، لا صبر التخاذل والتحمل وأنتم قادرون على الدفاع ، بل هو صبر أمام التعاضل «وتتقوا» في صبركم محاظيره ، وتتقوا الله في ذلك الموقف الحرج المرج «فان ذلك» الصبر والتقوى (مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) : عزم في الأمور الخطرة وعزم لها وعزم إليها ، فالعزم على آية حال هو للموطن نفسه على الأمور