الذين هم وقود نيران الإضلال هنا ، فهم ـ إذا ـ وقود النار هناك ، يتّقد بهم في النار هوامش الكفر المستحقين النار.
فلا وقود ـ إذا ـ للنار إلّا رؤوس الكفر والضلال ، كما لا نار هناك إلّا بروزا لملكوت الأعمال.
فهم الناس في آية الوقود ـ الأخرى ـ : (فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ) (٣ : ٢٤) وهم المخاطبون في آية الحصب : (إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ) (٢١ : ٩٨) وهم المعنيون بآيات الصلي : (لا يَصْلاها إِلَّا الْأَشْقَى. الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى) (٩٢ : ١٥).
فلأن مثلث الآيات في الوقود والحصب والصلي تعني المشركين والمكذبين بآيات الله فهم ـ فقط ـ المعنيون من (الَّذِينَ كَفَرُوا) هنا ومن سائر الحصب والصلي هناك وهنالك ، ثم من سواهم من الكفار يحرقون بوقودهم اللهم إلا (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً) (٤ : ١٠) إذا فسائر ما يستحق به النار هي من فروع الشرك والتكذيب بآيات الله ، أعني رؤوس الزاوية في الإشراك والتكذيب.
ولأن تلك النار ـ ككل ـ تطلع على أهلها من ذواتهم بأعمالهم فليس لهم الفرار عنها إلا أن يفروا من أنفسهم الشريرة ولات حين فرار ، وقد كان لهم أن يفروا منها يوم الدنيا مخالفة لأهوائهم واتباعا لهدى الله ، ولكنهم ماتوا بنيرانهم الجهنمية فليحرقوا بها ، وذلك :
(كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَأَخَذَهُمُ اللهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللهُ شَدِيدُ الْعِقابِ) (١١).
الدأب هو السير المستمر ، وهو هنا يعم النشأتين ، فآل فرعون والذين