(وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ) لا تناسب انهما مكانها ، فصحيح التعبير عن ذلك العرض : «وجنة هي السماوات والأرض» ثم وآية الحديد توضحها اكثر لمكان (كَعَرْضِ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) ولا بد من مفارقة بين المشبه والمشبه به ، مهما تشابها في جهة او جهات ، وإذا كانت الجنة في نفس السماوات والأرض ، فهي نفسها مكانا دون أن يشبههما.
ثم (جِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ) وأضرابها دليل اختلاف مكانهما دون أي تداخل مهما أمكن في قدرة الله ، ولكنه تداخل ـ على صحته ـ دون مرجح ، بل هو مزعج لأهل الجنة باشتراكهم مع اهل النار في المكان ، ثم (إِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها ... ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا) ـ وكثيرا أضرابها ـ تدل على الخروج عن النار لمن اتقى ولا خروج في المتداخلين ، بل هو عروج عن حالة سيئة الى حالة حسنة.
وبعد كل ذلك فمكان الجنة معروف في آية النجم (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى. عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى. عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى) (١٥).
فكما السدرة المنتهى هي منتهى الكون المحلّق على السماء السابعة ، كذلك جنة المأوى التي عندها ، فليس جواب «فأين النار إذا»؟ إلّا أنها تحت الجنة المأوى ، سواء أكان السماوات والأرض بتمامهما ، أم بعضا منهما ، (وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ) مما يدل على أنها لا تحلق على كل السماوات والأرض ، وإلا لم تصح «جيء» ثم الجنة فوق النار لآية النجم و (فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ) اي تعلو
__________________
ـ الجنة والنار ، ولا سيما آية النجم المقررة مكان الجنة عند سدرة المنتهي ، إذا فهذه الأحاديث مختلفة إذ لا تأويل لها صالحا في نفسه ولا في حساب القرآن! اللهم إلّا أن يعنى من التشبيه ان مكان الجنة والنار في افقين مختلفين كما الليل والنهار ، وهذا تأويل جميل وقد يؤيده حديث العياشي عن الصادق (عليه السلام) قوله في الجواب : إذا وضعوها كذا وبسط يديه إحداهما مع الأخرى إذا فالجنة فوق النار وهذا ما تعنيه آية النجم.