لَكُمْ أَعْداءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ) (٦٠ : ٢).
أم وهي الذلة التكوينية حيث الفسق ذل في نفسه وذل في المجتمع الصالح ، وذل عند الفاسق نفسه إذ لا يفلح الفاسقون مهما أبرقوا وأرعدوا ردحا من الزمن ، و «ذلك» الضرب في ذلة وسكنة (بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ).
(ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ ..) ولكن لا على أية حال ومهما تحولت الأحوال ، بل هي دون الحبلين ف (إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ) يصد عنهم الذلة تشريعا وتكوينا ، فما هما الحبلان؟.
(بِحَبْلٍ مِنَ اللهِ) معروف انه «حبل الله» اعتصاما بالله وبكتاب الله وتنكير «حبل» تلميح بان كل قدر من حبل الله له عصمته عن الذلة ، فإذا اكتمل يصبح عاصما طليقا عن كل ضرّ.
فبزوغ الإيمان من فسقه اهل الكتاب هو «حبل من الله» ولمّا يكمل ، ثم تكامل إيمانهم بشروطه تكامل لاعتصامهم بحبل الله ، فليس الاعتصام إلا بقدر فتل الحبل ، ولا الذلة إلا على قدر فلّ الحبل ، إذا ف «حبل من الله» طليقة بالنسبة لكل درجات الحبل : رسوليا ورساليا ، فحين يؤمن الكتابي الفاسق بكتابه كما يحق فلا ذلة له ، مهما لم يؤمن برسالة الإسلام قصورا كما في آية اللاسواء التالية ، وحين يؤمن بهذه الرسالة ولمّا يكمل إيمانه تكامل عزه ، حتى يصل إلى القمة المعنية بالآيات السالفة اعتصاما كاملا بحبل الله.
وهكذا الأمر (حَبْلٍ مِنَ النَّاسِ) حيث تقصد بعد الله بكتابه ، رسول الله ، ثم الدعاة الرساليين ثم سائر المؤمنين ، او ومن ثمّ سائر الناس أجمعين حيث الجمعية المعاضدة لها أثرها عضدا مهما كانت باطلة فضلا عن الجمعية