فالمعاصي حمى الله ومن حام حوم الحمى أوشك ان يوقع فيها ، فاجعل بينك وبين الحرام حاجزا من الحلال ، فانك متى استوفيت جميع الحلال تاقت نفسك الى فعل الحرام ، وكلما كثرت الزواجر كانت على المعاصي اردع ، والى فعل الطاعات أحوش واجذب.
ذلك ـ فمن جانب جميع ما نهاه الله عنه دون مقارفة ولا مقاربة ، وأتى بجميع ما امره الله به ، وكل ذلك قدر المستطاع دون إهمال ولا تقصير ، فقد اتقى الله حق تقاته.
وترى بعد كيف (وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) والموت مسيّر لا مخير؟ وكما (إِنَّ اللهَ اصْطَفى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (٢ : ١٣٢).
هنا النهي موجه الى الموت دون إسلام ، ناظرا الى عاقبة الأمر لمن اتقى الله حق تقاته ، فلا تكفي هذه التقوى الحقة لفترة من حياة التكليف ، بل والاستمرار فيها تكليف فوق تكليف ، ومهما كان الموت مسيرا ، فالموت حالة الإسلام مخيّر ، أن يستمر التقي في تقواه ، او تكون كل لاحقة منه خيرا من أولاه ، تقدما على طول خط الحياة في تقوى الله ، دون تنازل عن حدها المستطاعة ولا وقفة عليه.
وفي صيغة أخرى إن الإنسان مكتوم عنه أجله أيا كان لما في كتمانه من مصلحة تربوية ، فلا يعرف متى تكون منيّته ، وعلى أي جنب صرعته ، فحين ينهاه الله أن يموت إلا مسلما فقد ألزمه في كل حال على ذلك الإسلام ، إذ لا يأمن على أية حال أن يموت عبطة او هرما.
ذلك ومن جملة كمال إسلام المؤمن التوبة واستدراك الذنوب الفارطة ، فقد الزمه سبحانه بما أمره ونهاه ـ مع التمسك بفرائض الأوقات وطاعاتها