وبكوا وعانق الرجال بعضهم بعضا ثم انصرفوا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) سامعين مطيعين قد أطفأ الله عنهم كيد عدو الله ...» (١).
(وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلى عَلَيْكُمْ آياتُ اللهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) (١٠١).
(كَيْفَ تَكْفُرُونَ) بعد ايمانكم ـ بطاعتهم ثم كفركم ـ مهما دخلت فيكم الدعايات الكتابية الكافرة وأنتم أقوى منهم حجة ، (وَأَنْتُمْ تُتْلى عَلَيْكُمْ آياتُ اللهِ) خالصة عن كل دس وتجديف ، آيات هي دلالات ذات بعدين على الحق ، إذ تدل بنفسها على انها من الله ، ثم تدل على حظائر القدس ، وهي اتقن الآيات الرسالية على مدار الزمن الرسالي.
ثم (وَفِيكُمْ رَسُولُهُ) وليس فيهم رسولهم ، فأنتم مزودون بالحجتين
__________________
(١) الدر المنثور ٢ : ٥٧ ـ اخرج ابن إسحاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابو الشيخ عن زيد ابن اسلم قال : مرّ شاس بن قيس وكان شيخا قد عسا في الجاهلية عظيم الكفر شديد الضغن على المسلمين شديد الحسد لهم على نفر من اصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من الأوس والخزرج في مجلس قد جمعهم يتحدثون فيه فغاظه ما رأى من ألفتهم وجماعتهم وصلاح ذات بينهم على الإسلام بعد الذي كان بينهم من العداوة في الجاهلية فقال : قد اجتمع ملا بني قيلة بهذه البلاد والله ما لنا معهم إذا اجتمع ملؤهم بها من قرار فأمر فتى شابا معه من يهود فقال : اعمد إليهم فاجلس معهم ثم ذكرهم يوم بعاث وما كان قبله وأنشدهم بعض ما كانوا تقاولوا فيه من الاشعار وكان يوم بعاث اقتتلت فيه الأوس والخزرج وكان الظفر فيه للأوس على الخزرج ففعل فتكلم القوم عند ذلك وتنازعوا وتفاخروا حتى تواثب رجلان من الحيين على الركب أوس بن قيظى احد بني حارثة من الأوس وجبار بن صخر احد بني سلمة من الخزرج فتقاولا ثم قال أحدهما لصاحبه ان شئتم والله رددناها الآن جذعة وغضب الفريقان جميعا وقالوا قد فعلنا السلاح السلاح موعدكم الظاهرة والظاهرة الحرة فخرجوا إليها وانضمت الأوس بعضها إلى بعض والخزرج بعضها الى بعض على دعواهم التي كانوا عليها في الجاهلية فبلغ ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فخرج إليهم فيمن معه من المهاجرين من أصحابه حتى جاءهم فقال : ...