اللهم إلّا أن يحبه المنفق عليه ولذلك ينفقه عليه المنفق.
فالإنفاق الصالح يرتكن أولا على الحب الأفضل ، ثم الإنفاق من الأفضل أو الفضيل دون الرذيل ثم الكيفية الفضلى.
ذلك ، (وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ) في حبه وكيفه وكمه ومورده (فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ) لا عليكم أن تبدوه إلا إذا لزم الأمر بعيدا عن الرئاء والسمعة.
ذلك ، فهل ترى الذي ينفق مما لا يحبه ولا يبغضه لا ينال خيرا وقد أنفق؟ انه ينال خيرا إذا تمت اركان السماحة والرجاحة في الإنفاق ، ولكنه لن ينال البر ككل حتى ينفق مما يحب ، والبر هو واسع الخير من البرّ لا اصل الخير ، وهنا بر بديل بر ، حيث الإنفاق مما تحب بر تنال به البر (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى).
فالمنفق في سبيل الله إذا لم يأت بمحظور في إنفاقه مأجور قدر إنفاقه ، ولكنه لن ينال البر حتى ينفق مما يحب.
وفي الإنفاق في سبيل الله مما تحبون تحرّر من شح النفس على النفس والنفيس ، فالمنفقون مما يحبون يصعدون في ذلك المرتقى الراقي السامق الوضيء أحرارا خفافا طلقاء ، لا يرتبطون بشيء إلّا الله والحب في سبيل الله ، وهم ينالون البر والخير الواسع حسب السعة في إنفاقهم مما يحبون فطوبى لهم وحسن مآب.
وترى حين تحب شيئا يكرهه الله ، او تكره شيئا يحبه الله ، فهل تنال البر في انفاق ما تكرهه في حب الله او ما تحبه في كره الله؟.
للمحبوب هنا بعدان اثنان (لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) ويحبه الله ، وكون الإنفاق في سبيل الله هو قضية الإيمان بالله يجعل محبوب الله محبوبا لنفسه ، ومحبوبه ليس إلّا محبوبا لله ، وهنا زاوية ثالثة للمحبوب ان يحبه المنفق