كان عندهم ما يبدلوا به عنه وان على صعوبة فأبدلهم الله بأحسن منه.
وترى ما هي رباط الآية بما قبلها ، المنددة بالمتصلبين على القومية الكتابية ، والمتلونين في الايمان والكفر؟
علّها لأن التجاهل والتنازل عما هم عليه من شرعة انتقالا إلى شرعة أخرى ولا سيما إلى نبي غير إسرائيلي ، هو معدود في عداد الإنفاق مما تحبون ، فإيثار حب الله على ما تحبون يقتضي الانتقال عن كل شرعة سابقة ـ مهما كانت طولها وطولها ـ إلى الشرعة الأخيرة.
وذلك مما يوسّع نطاق الإنفاق المحبوب في الآية ، دون حصر في إنفاق المال حسرا عن سائر الإنفاق.
إن انفاق المحبوب في حب الله يختص بما يمكن إنفاقه مشكورا محبورا ، وأما غير الممكن او المنكور والمحظور فلا ، فانفاق النفس في سبيل الله فيما يتوجب أو يرجح ، وانفاق المال كذلك عوانا بين الإفراط والتفريط ، وانفاق العقلية الصالحة والعلم النافع والعظة الحسنة أماهيه من إنفاقات صالحة ، إنها كلها مشمولة لطليق الآية دونما تحدّد بحد إلّا ما حدده الله.
فالإنفاق مما تحب ـ ولا سيما إذا كان من أحب ما تحب ـ ذلك رمز إلى انك تؤثر حب الله على كل حب ، مهما كان ما تحب شيئا قليلا ضئيلا ، كما ان الإنفاق مما لا تحب رمز الى عدم الإيثار وانك لا تفضّل حب الله على حبّك مهما كان ما لا تحب شيئا كثيرا محبوبا لمن تنفق ، اللهم إلا ألّا تجد إلّا ما تنفقه ، وأنك في طويتك تفضل محبوب ربك على محبوبك.
إذا فإطعام علي وفاطمة والحسنين كسير خبزهم هو من أفضل الإنفاق : (وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً) (٧٦ : ٨) وفي نفس الوقت إطعامك طعاما أفضل منه وأنت لا تحبه ليس من أفضله ولا فضيله ،