«نزل» بالحق «عليك» بالحق (الْكِتابَ بِالْحَقِّ) «مصدقا» بالحق (لِما بَيْنَ يَدَيْهِ) بالحق ، فهو مخمس من الحق تنزيلا ومنزلا ومنزلا وتصديقا ومصدّقا : مصاحبا الحق وبسبب الحق ، معان عشرة كلها معنية على درجاتها دونما خليط من باطل ، ولا زوال لحقه خلاف سائر الحق قبله ، فهو الحق المستمر الخالد دونما نسخ أو تحوير خلافا لكل حق قبله.
والكتاب المنزّل هنا هو القرآن المفصل النازل نجوما قضية مختلف الحالات المقتضية والحاجيات.
و «مصدقا» حال أنها حال للكتاب ، كذلك هي حال للرسول المخاطب في «عليك» فكما : (آمِنُوا بِما أَنْزَلْتُ مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ) (٢ : ٤١) كذلك : (وَلَمَّا جاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ) (٢ : ٨٩).
ف (لِما بَيْنَ يَدَيْهِ) لا تختص ـ فقط ـ بكتب الوحي ، بل وتعم رسل الوحي بآياتهم الرسولية والرسالية ، فكما القرآن يصدق ما بين يديه من كتابات الوحي بآياتها الرسالية ، كذلك رسول القرآن مصدقا لما بين يديه من رسل الوحي بآياتهم الرسولية ، كما وكل من الرسول والقرآن يصدقان كلّا من رسل الوحي وكتابات الوحي.
ودور تصديق القرآن لما بين يديه من كتابات الوحي هو واقع التجاوب بين وحيه ووحيها ، فلو لم يكن القرآن وحيا لم يكن ليصدق سائر الوحي لواقع الاختلاف بين وحي السماء ووحي الأرض.
وكيف (لِما بَيْنَ يَدَيْهِ) دون «ما خلفه»؟ وكل الرسل والكتب هي خلف القرآن ورسوله! ، لأن قرآن محمد ومحمد القرآن هما استمراران لما قبلهما من رسول وكتاب ، مكملان لهما ومهيمنان عليهما ، فليساهما خلف القرآن ونبيه في الكيان مهما كانا خلفهما في الزمان ، فحق التعبير ـ إذا ـ كما هو : (لِما بَيْنَ يَدَيْهِ)