كحكمة حكيمة في كافة الأحكام الربانية نقول : سلب العسر انما هو في الأحكام غير الموضوعة على العسر كالجهاد والحج والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والصوم نفسه من حيث نفسه ، وأماهيه ، الموضوعة على إعسار هي بطبيعة الحال فيها ، فالعسر المنفي عنها هو عسر على عسر ، ففي عسر المرض وعسر السفر يسقط فرض الصيام ، بل وأصله حيث لا يسمح له فيهما ، ثم في عسر دونهما وهو مطلق الإطاقة يسقط ـ فقط ـ فرضه ، واما السفر ثمانية فراسخ في ايام السيارات فلا عسر فيه نوعيّا ولا مرة واحدة من حيث أصله ، فكيف يدخل تحت السماح وهو غير داخل تحت حكمة اللّاعسر ، وقد حدّ السفر بمسيرة يوم وهي الآن فوق الألف كيلومترا!
هذا ـ وبصورة عامة تحلق على كل احكام الشرعة ، كل ما فيه عسر ويسر ، فلا عسر فيه فانه تعالى (لا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) وكما يروى عن رسول الهدى (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «ان هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق فان المنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى» (١) و «الدين يسر ولن يغلب الدين أحد إلّا غلبه سددوا وقاربوا وأبشروا واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدجلة» (٢) و «... لا تبغض الى نفسك عبادة ربك فان المنبت لا سفرا قطع ولا ظهرا أبقى فاعمل على امرئ يظن أن لن يموت أبدا واحذر حذرا تخشى ان تموت غدا» (٣) و «لا تشددوا على أنفسكم فانما هلك من كان قبلكم
__________________
(١) الدر المنثور ١ : ١٩٢ ـ اخرج البزار عن جابر قال قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : ...
(٢) المصدر أخرج البخاري والنسائي والبيهقي في شعب الايمان عن أبي هريرة سمعت النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقول : ...
(٣)المصدر أخرج البيهقي عن عبد الله بن عمرو بن العاصي عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله ـ